قد يبدو هذا السلوك غير لافت بالنسبة لك، لكنه ليس كذلك بالنسبة لغيرك.
تأمل: وسط الحي السكني تم افتتاح مدرسة جميلة، تحيط بها المنازل من جميع الاتجاهات. اللافت أن جدران المدرسة بعد شهرين من افتتاحها امتلأت بالكتابات والرسومات والشعارات الرياضية و"العبارات الشوارعية". تم تشويهها بالكامل. عادت عشرين سنة للخلف. بينما جدران المنازل التي تحيط بها لم يجرؤ أحد على كتابة حرف واحد عليها!
للبيوت أهلها الذين يحرسونها ويحافظون عليها، والمدرسة للدولة.. "حلال الدولة"، ولا أحد يهتم لها. الأمر أكبر من علاقة الطالب وارتباطه الوجداني بالمدرسة. هذه ظاهرة عامة "العبث بالمرافق العامة"، قد تكون موجودة في أغلب دول العالم، لكنها تتفاوت تبعا لقوة القانون!
نحن أمام ثقافة وسلوك متجذر، ما للحكومة ليس لك به علاقة. تستخدمه، تستفيد منه، تحطمه، تقوم بإتلافه.. كل هذا لا يهم!
حينما أتحدث عن القانون، فذلك لأنني أعلم أن يد القانون تستطيع عمل ما لا تستطيعه المنابر والندوات والمطويات في بلادنا. كنت أتناقش مع الأمير "منصور بن عبدالله بن مساعد" حول مقطع يوتيوب لمجموعة من الطلبة يمزقون كتبهم الدراسية في منظر غير سار، ومقطع آخر محزن لمجموعة من المراهقين يحطمون نوافذ فصلهم الدراسي، فقال لي: لو تعهد ولي الأمر بأنه سيلتزم بإصلاح أي عبث يقوم به ابنه، لن يجرؤ الابن على فعلته، وسيجد من يوصيه في المنزل بعدم العبث. ولو تم ربط تسلم الشهادة بإعادة الكتب، فلن يمزق الطالب ورقة واحدة من كتابه المدرسي، لكن: من أمن العقوبة أساء الأدب.
وعلى أي حال؛ ظاهرة إتلاف المنشآت والممتلكات العامة ليست وقفا على جهة دون أخرى. راقب أي منشأة عامة ليس عليها حراسة، تجد أنها تتعرض عمدا للتشويه.. تأمل حالة المرافق العامة في البحر والمطارات والملاعب والحدائق العامة. نحن أمام ثقافة شعبية تحفزك على الفوضى والعبث، تقول لك: "جلدٍ ما هو جلدك جره على الشوك"، و"حلال عمك لا يهمك"، وفي مجتمع مثل مجتمعنا لن يتم القضاء على هذه الثقافة البائسة سوى بالقانون.. القانون وحده.