تشكل الروح والعاطفة والأرض ثالوثا لمفردات لوحات الفنان التشكيلي اللبناني شكرالله فتوح، التي اتخذت التجريد مسارا فنيا يعبر عن تنوع روح المشرق المتنوعة، الأرض هي القضية وقصتها تنبعث من روح شخوصها سامية. اختار فتوح أن يكون دائما بين الجماهير، فتراه حاضرا في محترفه في جبيل بلبنان، أو شادا رحاله إلى حيث يشعر أنه يريد إيصال نتاجه الفني؛ دون أن يتخذ من صالات العرض أسلوبا وحيدا. برفقة زوجته النحاتة سامية بصبوص. في جناحه ضمن معرض معرض ديكوفير 2013 في جدة، قال فتوح لـ"الوطن" إنه يحتفظ برأي خاص عن الجمهور السعودي، الذي خبره جيدا؛ سيما أنه مواظب على حضور معرض فني دوري منذ 3 سنوات.

يؤكد فتوح أنه مر بعدة مراحل أنضجت شخصيته الفنية، ويشرح ذلك قائلا: "وقت الدراسة الجامعية، تعلمت رسم الأشياء كما هي، ثم انتقلت إلى رسم ما يحبه الأساتذة بوصفي تلميذا، ولكن بعد التخرج، أردت أن أكون تلميذا للحياة، وأن أستجيب للحس الفني في داخلي، وقررت أن أكمل مشواري الفني وأشكل هويتي بأسلوبي الخاص".

ويرى أن "الرسم يحمل شيئا من سر الحياة، فاللوحة هي روح تكونت على الأرض، أما الألوان التي يتحسسها الفنان في جنباته، فهي التي تحمل قضيته لتستحيل حروف التعبير عنها ألوانا تقرأ الأحوال وتجسدها".

أما التجريد بالنسبة لفتوح، فيمثل "اختصارا للمعاني"، شارحا: "أريد أن أرسم كل الأشياء، وأحب أن يختصر اللون الحدث أو القصة. وأرى أن التجريد ليس مجرد تفريغ للملامح كلها، فالمكون البشري لا بد أن يظهر جزء منه. فعندما أرسم لوحة في المرأة، فأنا أهتم بوقفتها، ويبقى من رسم القديس قلبه ويداه، أما التركيز فيبقي على روح الإنسان وسموها".

ويركز فتوح على أن إبداع لوحة فنية يمثل "حالة ولادة، وليس قطعة من الجمال فحسب. فعندما أرسم مشهدا ما لإنسان أو لشكل هندسي لأجسد عاطفة اللحظة، أحب أن أرى صورتي موجودة في اللوحة، فلا تخرج اللوحة إلى العلن إلا إذا كنت راضيا تماما عن تشبعها بالفكرة التي تحملها العاطفة".

تأثر فتوح خلال مسيرته الفنية بمجموعة من الفنانين التشكليين داخل لبنان وخارجه، وهو الأمر الذي ساهم في تنمية حسه الفني وصقل موهبته؛ وصولا إلى ابتكار هويته الخاصة.

يقول: "في لبنان، تأثرت بالفنانين بول غيراغوسيان وصليبا الدويهي. أما بالنسبة للفنانين العالميين، أحب الإسبانيين بابلو بيكاسو وخوان ميرو والفرنسي جورج براك".

كما يرى فتوح أن الخوف والمعاناة تولد طاقات هائلة لدى الإنسان، فقد بدأ معارضه في أواسط الثمانينات حين كان البلد مشتعلا بحرب أهلية قاسية، إلا أنه كان يرسم الأمل في لوحات تعبر عن الحرب، ويضيف "أرسم الأمل في الحرب لأنني أعرف أن الحرب لها نهاية، وهذا هو دور الفنان في الأوقات العصيبة".

وحول رأيه بالجهور السعودي، يقول فتوح: "الجمهور السعودي صريح، ويقول رأيه الحقيقي في اللوحة، سواء كان يريد اقتناءها من عدمه"، معتبرا أن الحب هو الأصل في الفن.

وكان فتوح يعرض في جناحه بمعرض الأثاث لوحات صور نجله نيكولا. ويقول نيكولا لـ"الوطن" إنه كان يحب الرسم منذ طفولته ويحب خلط الألوان وتنويع الأشكال، وقد وجد كل التشجيع من والديه الفنانين، فوالده رسام ووالدته نحاتة؛ لتكتمل ثلاثية عائلية تحكي قصة عائلة عشقت الفن واتخذته أسلوب حياة.