منذ اللحظة التي تولى فيها خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم عام 2005، وهو يشدد دائما على رسالة التنمية البشرية، وتنوير العقول، ولم تكن هذه مجرد رسالة صوتية نابعة من قائد للبلد، وإنما تشكلت على أرض الواقع من خلال عدة أمثلة، أحد شواهدها "برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث"، والنهضة التنموية التي يشهدها قطاع التعليم العالي على كافة الأصعدة، ومن ذلك أيضا إنشاء الصرح النسائي التعليمي الضخم "جامعة نورة بنت عبدالرحمن".

لا يختلف اثنان على أن برنامج الابتعاث الخارجي، لا يسعى إلى تزويد الطالب بالشهادة الدراسية، واكتساب المزيد من العلم والمعرفة الحديثة فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى تنمية مجتمع بأكمله، وكما أسهم جيل الابتعاث الأول في السبعينيات والثمانينيات الميلادية في رفع مستوى الكفاءة والجودة في العمل المهني، فإن الجيل الحالي ينبغي عليه كذلك القيام بمثل ذلك الدور، بل وبشكل أكبر، وأكثر فاعلية، فالظروف الحالية أقل تعقيداً، والمناخات المتاحة للتطوير أفضل.

المقصود هنا، أن بعض الطلبة يتعاطون مع الأمر بسلبية، فهو عندما يعود يرفض واقعه الحالي، ويبدي تذمره، وهناك من يفقد ما اكتسبه من عادات إيجابية بشكل تدريجي مستسلماً للظروف، دون أن يبدي أي رغبة في التغيير سوى بالقول، وهذا بالطبع نموذج سلبي، لا يحقق الغرض الذي لأجله عايش الغربة لسنوات، وخالف التوقعات بأن يعود ويخدم وطنه، بمكافحة السلبيات الموجودة، والقيام بجهد تطويري ينقل من خلاله ما رآه من عوامل إيجابية في الخارج.

هذا الهدف، قد لا يتحقق بشكل جيد، إذا لم تكن هناك تهيئة مسبقة، وهدف يضعه الدارس قبل ابتعاثه، بحيث يعاهد نفسه قبل أن يسافر بأن يستفيد بالحد الأقصى من فترة دراسته، وأن ينقل ما استفاده لوطنه بقدر ما يتاح له من فرصة.