"حصلت على درجات عالية في جميع المواد عدا درجة متوسطة في مادة اللغة الإنجليزية، سعدت كثيرا لذلك، ولكن سرعان ما تلاشت الفرحة حينما تجاهلت والدتي جميع درجاتي الجيدة، وركزت على درجة اللغة الإنجليزية، وكأنها تتعمد إيذائي نفسيا".
تلك العبارات وردت على لسان هناء السبيعي التي تأثرت بتركيز والدتها على السلبية، وهي الدرجة المتدنية، وتجاهلها للدرجات العالية التي حصلت عليها في بقية المواد.
لم تكتف هناء بتلك العبارة، بل زادت عليها قائلة: "هكذا هي أمي، تتجاهل الأعمال الإيجابية التي أقوم به أنا أو أي أحد من أخوتي، وتركز على الأخطاء البسيطة".
يشاطرها الرأي الطالب عبدالله فرحان الحبلاني، حيث يقول "منذ أن كنت في المرحلة المتوسطة وأنا لا أستطيع معرفة ما يريده والدي، ولم أتمكن للأسف يوما من الحصول على إعجابه، ولا أنس ذلك اليوم الذي حضرت فيه مبتهجا لحصولي على المركز الثالث في سباق الدرجات الذي أقيم في المدرسة، ولم أتمكن من الحصول على مباركته، والسبب هو تركيزه على السلبية، فقد قابل فرحتي بتوجيه الاتهام لي بأنني لا أجيد سوى ركوب الدراجات، ولن أفلح يوما في الدراسة".
وتابع الحبلاني قائلا: "الآن أنا في السنة الثالثة من كلية العلوم الطبية، ولا زال والدي يطاردني، ويجرح مشاعري بنفس الأسلوب الذي بات يهدد مستقبلي الأكاديمي من شدة القسوة التي يوجهها لي".
ولم يكن الأبناء وحدهم ممن يشتكون من صفتي الانتقاء والتجاهل، فـ"أم مروان" لم يختلف الحال معها كثيرا عمن سبقوها، بل إن معاناتها تزيد بحسب قولها، لأن المتجاهل هو "زوجها"، الذي يجيد انتقاء الأمور السلبية التي قد تحدث دونما قصد منها، بينما يتفنن في تجاهل جميع الإيجابيات التي تفعلها له ولأسرتها.
أما منار العنزي فقد فضلت عدم إخبار والدتها بنتائجها العام السابق، واكتفت بكلمة "ناجحة"، والسبب كما ذكرت أن والدتها لو شاهدت الدرجات الخاصة بالمواد ستركز على المتوسطة، وتترك العالية.
من جانبها، أكدت أخصائية علم النفس هلالة سالم المعبهل أن "تلك التصرفات قد تخلق البعد بين أفراد الأسرة الواحدة، وتنزع البهجة من قلوب الأبناء، وهذا وبلا شك سيسهم في تراكمات قد تؤذي الصحة النفسية".
وأوضحت أن "الانتقاء السلبي قد يولد الإحباط، ومن ثم الفشل في حال قدم الأب أو الأم العمل السلبي على الإيجابي، دونما أي تعزيز أو مبالاة بطبيعة النفس البشرية التي تخطئ وتصيب، وتتعلم دونا من أخطائها".
وحذرت المعبهل أيضا من التجاهل الذي قد يغذي البعد في العلاقة بين الطرفين (الآباء والأبناء)، ومن ثم يلجأ الابن إلى من ينصت له من خارج المنزل، وهنا تكمن الكارثة، فيقع الأمر الذي نخشاه جميعا وهو اللجوء إلى رفقاء السوء، والوقوع في شراك الخطأ، وهو طريق مبطن بالمساوئ المستقبلية، سواء على الفرد أو المجتمع.