الحادي عشر من سبتمبر! يالهول الصدمة! لم يكن العالم الإسلامي نائماً قط، وإلا لأيقظته انفجارات المعرفة، والقنوات الفضائية، و"الإنترنت"، قبل انفجارات البرجين، و"تورا بورا"، والعراق، والرسومات "الدنماركية"، واستفزازات قسٍّ تافهٍ بحرق المصحف الشريف!
لم يكن مجتمعنا نائماً؛ بل أخطر من ذلك: إنه يتصنع النوم! والمثل "القصمنجي" الفصيح يقول: "صح نايم، ولا تصحِّي متنيوم"! وترجمتها بالنحوي: "مُتَنَيْئِم"، وشاهدها الشعري: بيت نقشته جدتي "حمدة" على رفارف "دوجها": إن كان حظك نايمٍ لاتصحِّيه * يقوم من نومه وينحاش دايم!
ولعل قناة mbc كانت أسبق المؤسسات الإعلامية إدراكاً لهذه المأساة! ولا شك ـ ولاتطريز ولاتخريم ـ أنها تساءلت: ما العمل مع هذا "المتنيوم"؟ وربما ـ وربما فقط ـ قررت أن تسايره، وتطبطب عليه بحكاياتٍ مسلية مثيرة: فإما أن يسهو، ويهب فجأةً ويتلعثم قائلاً: هههه كنت أمثل عليكم! لترد هي عليه: خخخخ وأنا أيضاً ياحبيبي! وإما أن ينام فعلاً فيسهل إيقاظه؛ لأنه أصبح "نائماً" وليس "متنيئماً"! وكلا الاحتمالين بعيد جداً في مجتمع "يتنيأم" منذ "جنكيز خان"! وأبعد منهما احتمال أن تمل الـ mbc ورزقها على استمرار هذا التنيؤم! وكيف يستمر إلا بهذه الحكايات الطويلة التي بدأت بالمكسيكية، وانتهت بالتركية؟ وماذا تساوي "المكسيركية" مع "طاش ماطاش"، الذي انتشلته من الإفلاس، وسوقته تجارياً، دون أن تضيف إليه أي تطوير فني؟ بل كرست في وعي "المتنيئم" أنه كوميديا وماهو بالكوميديا! وأنه يتميز بالجرأة في مناقشة قضاياه، وهو عالة على ماتثيره الصحافة؛ لاسيِّما صحيفة "الوطن"! مع مراعاة أننا نتحدث عن "طاش mbc" والجرأة كانت سمة "طاش التلفزيون السعودي" قبل صدور صحيفة "الوطن"!
وفي رمضان الأخير أتحفتنا الـ mbc بحكايات مبتكرة وظريفة للتنيؤم، كبرنامج "تغيير في تغيير" للدكتور/ "عبدالعزيز الأحمد"، وهو خطب وعظية مباشرة، لا جديد فيها سوى تشويه "علم" مهارات التغيير المعروف بالـ"NLP"! وأخطر منه "خواطر 6"؛ ليس لأنه يكرس التخلف بتمجيد الماضي، كما لاحظ أستاذنا/ "إبراهيم البليهي"، وليس لأنه يمارس الوصاية، كما لاحظت أستاذتنا/ "أمل زاهد"، وإنما لأنه أيضاً يؤكد انعدام الرؤية الاستراتيجية، وهو سر تخلف العالم الإسلامي الذي يتباكى عليه "أحمد الشقيري": فبعد أن صدمنا العام الماضي بالنموذج الياباني، وفجَّر في ضمائر أصحاب القرار السؤال المؤلم: ماذا ينقصنا لنكون مثلهم؟ وبدل أن يتركهم يجيبون، تولى هو الإجابة بدعاية مكشوفة لنماذج "نادرة"؛ تشغلنا عن "أولى/ مطبخ"، و"سادس/ بلكونة"، و"سلخانات" الأخطاء الطبية، وخطوط "النسخ والرقعة"، و..."تنيوم ياحبيبي تنيوم"!