هو واحد في رأيه، وألف في سخاء روحه، يشع بالفعل ويشقى بهموم مجتمعه وناسه، يفتح غرف قلبه لأول الحروف، بنفسه صنع اسمه في منابرنا الوطنية والعربية بعيدا عن كل مدارات الجدل إلا تلك التي يتسع فيها الحرف للجمال، له من الأعمال: "من خيلاء الدم لأبي زيد" و"لما متى وا فاطمة" حين كان ينادي ذات فجر نون المجتمع، وله "يخفف ثقل الروح" الذي باح به ذات هم ثقيل، وله "لا حد لي" قالها فوق سفح من الهموم والتحديات وهو ابن سهل ضاق به حين كانت تطلعاته تتصعد في السماء على حين غرة من المتربصين بالنور وأهله. و"إذا كانت الحالة الشعرية لدى عبدالرحمن الموكلي منطلقة إلى هذا الحد كما يراها عبدالعزيز المقالح، فإن جوانب أخرى في حياة الشاعر متوازية مع هذه الحالة، وربما منها ومن أهمها تجربته في إنشاء صالون أدبي ثقافي هو خميسية الموكلي الذي نظم من خلالها عددا من المناشط والبرامج الثقافية والاجتماعية، حظيت حينها بحضور أسماء كبيرة على المستوى الوطني ومن مختلف الألوان والأفكار والاتجاهات، قدموا من خلالها طرحا جديدا ومختلفا".
الإنسان في شاعريته يصدر عن هموم ذلك الإنسان البسيط وآماله إلى جانب أحلامه المؤجلة. وهو من زاوية أخرى نجده يرسم صورة مغايرة لذات المثقف وكينونته وجنون المبدع، فالموكلي لم يكن إلا انعكاسا لثقافة الأرض وإنسان جازان البسيط والعميق في الكفاح في آن واحد، منطلقا من قناعاته ونظرته للحياة التي تراكمت على امتداد عمره الموشى بالغربة والبحث عن الذات الفاعلة، ولعل الموكلي من المثقفين القلائل الذين يعيشون ببساطة متناهية لكنها تلك البساطة التي تخفي خلفها وعيا عميقا بالحاضر والمستقبل ومواقف عنيدة من قضايا مجتمعه ووسطه وزمنه.