هناك مقولة خالدة لرئيس وزراء بريطانيا الأسبق "ونستون تشرشل"، حين واجه حكما بنقل مطار حربي، أثناء الحرب العالمية الثانية، بعد أن اشتكى السكان المجاورون للمطار من خطره على حياتهم.

كان نقل المطار يؤثر بشكل كبير على سير أحداث المعركة، إلا أن "تشرشل" اضطر للتنفيذ، وقال: "أهون أن نخسر الحرب من أن يخسر القضاء البريطاني هيبته".

القضاء يرتبط بشكل مباشر مع هيبة الدولة، واستقرار العدل فيها.. هذا يحتم الحذر والحرص في اختيار القضاة؛ ليكونوا جديرين بهذه المهمة التي قام بها الأنبياء والرسل، وارتبطت بمسألة الخلافة في الأرض "يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق".

الشواهد على فساد القضاء في بعض الدول العربية أكثر من أن تروى، يكفي الاستدلال على ذلك بتأمل الأحكام القضائية التي تتماشى دائما مع توجه السلطات في تلك البلدان، دون وجود أي ملمح لاستقلال القضاء.. هذا بالطبع أفرز بلادا هشة، مليئة بالفساد والظلم، وأسفر عن سقوط مشين لمنظومة العدالة فيها.

في إسرائيل قبل أيام، صدر حكم غريب علينا، مفهوم لديهم.. حين حكم القاضي دافييد روزين، على رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق "إيهود أولمرت" بالحبس الفعلي لمدة 6 سنوات وغرامة مالية "مليون شيكل".. ورغم أن هذا الحكم يعد سابقة في هذه الدولة "العدو" إلا أنه يؤكد على استقلال وقوة القضاء فيها.

يتحدث وزير الأسرى الفلسطيني السابق الدكتور سفيان أبو زايدة عن المنظومة العدلية في إسرائيل التي أفرزت هذا القضاء المستقل ـ والحق ما شهدت به الأعداء ـ ويقول: "يتم اختيار القضاة من قبل لجنة مختصة وفقا للقانون ووفقا لآليات ومعايير وشروط محددة".

لفت نظري أن من بين لجنة اختيار القضاة التي تتكون من 9 أشخاص أعضاء معارضون في الكنسيت، وقضاة، ووزراء، واثنان من نقابة المحامين.. وأيضا يتم استبدال أعضاء هذه اللجنة كل 3 أعوام.

أخيرا.. أبو زايدة يؤكد: في إسرائيل لا مجال للواسطة في تعيين القضاة.