"تبحث "أمل" عن عمل إضافي، وهي التي لم تحتمل يوما البقاء لدقيقة بعد انتهاء وقت العمل، بدأت استفسر عن السبب الذي جعلها تطلب تلك الساعات الإضافية لإنهاء بعض المتطلبات، بل تجاوز هذا الحد، إلى أن بلغ بها الأمر أن تقوم بمهام العمل الموكلة إلى غيرها من الزميلات، ولطالما عللت ذلك بكونها مستعدة للبقاء في المؤسسة لساعات أطول، بدا الأمر غريبا وأخذت أتساءل: ما الذي يجعل "أمل" مقبلة على العمل بهذا الشكل؟ ويدفعها لأداء أكثر مما يوكل إليها؟ هل هو حب العمل؟ أم هروب من واقع ينتظرها خارج أسوار الوظيفة؟".

تلك العبارات جاءت من صاحبة إحدى المحلات التجارية "أم بدر"، والتي أضافت: "لم أجد في البداية مبررا لذلك الجهد الزائد سوى إخلاصها وتفانيها في العمل، ولكن بعد فترة وجيزة تغيرت الفتاة، ولم تعد كسابق عهدها، وحين أوكلت إليها بعضا من المهام الإضافية التي اعتادت عليها أصبحت ترفضها، وتبرر ذلك بالقول إنها ستعمل وفق ساعات الدوام المحددة لها، وضمن المهام الموكلة إليها". تصرف "أمل" أصاب "أم بدر" بالحيرة، ودفعها للبحث عن الأسباب التي دفعتها للقبول بالدوام الإضافي لفترة، ثم رفضه بعد ذلك، تقول: "قررت الجلوس معها لأتعرف على السبب، وبعد الحوار معها اكتشفت أنها كانت تعاني من توتر العلاقات بينها وبين شقيقتها في المنزل، الأمر الذي جعلها ترغب في الجلوس لمدة أطول في عملها، حتى وإن كان ذلك على حساب راحتها". وهنا تساءلت "أم بدر": هل البقاء ساعات أطول في العمل، يعد هروبا من المشاكل الشخصية، أم أن له علاقة في التفاني بالعمل؟

تقول أخصائية علم النفس والتخطيط التربوي بتعليم القريات هلالة سالم عمر المعبهل إن "المشاكل الحياتية قد تؤثر وتتأثر بالعمل، فهناك أشخاص لا يجيدون مواجهة العقبات التي تواجههم بالطرق الموضوعية، ويفضلون مواجهة المشكلة بالسلوك العدواني، أو الهروب منها إلى العمل، وهذا ما يفسر لنا حالة الموظفة أمل التي حرصت على العمل لساعات إضافية، ثم رفضها بمجرد حل المشكلة".

وأضافت أن "الهروب من المشكلة إلى العمل قد يحمل شيئا من إيجابية، إلا أن هذا الهروب يسمى في علم النفس بـ"التكيّف السلبي"، الذي قد يضر الموظف الذي يهم بالهروب من مشكلته وتناسيها عن طريق الساعات الإضافية في العمل، والتي قد ترهقه جسديا، مما يجعل وضعه النفسي والعملي في النهاية غير مستقر". ونصحت المعبهل الموظف وغيره، بمواجهة مشاكله، وعدم ترحيلها أو الهروب منها، وذلك باتخاذ الحلول الموضوعية.

من جانبها، طالبت المشرفة التربوية بتعليم القريات عائشة العازمي بمساندة الشخص الذي تتضح عليه معالم مشكلة، ومحاولته الهروب من واقعه الاجتماعي، وذلك بمساعدته على الخروج من مأزقه، حتى تظل علاقته بالعمل، وبزملائه صحيحة وجيدة.