بهدوء ودون ضجيج، أوقف رجل الأعمال "حمد الغماس" جميع أبراجه في مكة المكرمة على أعمال البر والإحسان ونشر رسالة الإسلام.

واللافت أن الإعلان تم من طرف آخر، وليس من الرجل الذي يرأس مجلس إدارة قنوات المجد الفضائية.. إذ كان باستطاعته أن يقيم كرنفالا كبيرا، تطير به القنوات البعيدة قبل قنواته؛ للإعلان عن هذا الوقف، وهو من حقه ولا يلام لو فعلها.

بعض رجال الأعمال لو تبرع بـ"باص" لجمعية خيرية، لعرف عنه سكان المملكة كلهم.. لكنه آثر الصمت بصورة نادرة.

لو سألتموني لقلت لكم: إنني لا أعرف هذا الرجل، ولم يسبق أن التقيته ـ ولا أريد ـ وكثير من السعوديين لا يعرفونه.

مفارقة أن يبقى مالك قنوات إعلامية في الظل، لكنني أقف أمامه ـ وأظنكم معي ـ وشعور الغبطة يعتريني.. فالرجل حسب الصور اليتيمة المنشورة له مايزال متوسط العمر، والناس في هذه السن أكثر حاجة وحبا للمال من غيرهم.. والوقف ليس رقما هامشيا حتى نتجاوزه، نحن نتحدث عن رقم تجاوز خانة المليار، تم دفعه في سبيل الله.. ربحت تجارة مع الله.

النقطة الأخرى: تمنيت فعلا أن هذا المحسن أعلن عن عمله بشكل واسع، حتى وإن كانت صدقة يرجو بها الأجر من الله سبحانه وتعالى.. نحن بحاجة أحيانا، إلى عقد المقارنات بين رجال الأعمال.

أميل لعقد المقارنات في عمل الخير بالذات، وإعلان الأرقام.. حتى الصحف المحلية يجب أن تحتفي بهذه الأخبار، وتقدمها بالشكل المناسب دون مبالغة ودون نقصان.. الغريب أنها تحتفي كثيرا بالذي يتبرع بالقليل ـ وإن كان تبرعه مطلوبا ـ وتتجاهل الذي يوقف المليار. إبراز هذه الأعمال يدفع غيرهم إلى التبرع.. الناس مجبولة على حب المنافسة.. كيف ونحن نتحدث عن عمل خير!.

وعلى أي حال، فبلادنا قدمت الكثير من التسهيلات والخدمات لرجال الأعمال.. والمنتظر من هذه الشريحة المهمة أن تقوم بواجباتها الوطنية تجاه الإنسان.

المجال ـ في بلادنا بالذات ـ مفتوح لكل من أراد أن يعمل ويسهم في البناء.. ولا أظنهم في حاجة إلى قراءة هذا المقال حتى يتبرعوا!.