لم تشفع له اعتذاراته العلنية، ولا أربعة عقود من العمل السياسي في خدمه بلاده. كما لم يشفع له كونه أطول مسؤول في عمر الحكومة الحالية. ولا حتى مستوى الوظيفة المتوسط التي مُنحت لابنته المصون.
ذلكم هو وزير خارجية كوريا الجنوبية "يو ميونج هوان"، والذي ترك منصبه (طواعية)، قبل أيام بعدما اكتشفت لجنة مراجعة حكومية أن وزارته منحت معاملة تفضيلية لابنته بتعيينها في وظيفة تجارية.
الرجل لم يتدخل "مباشرة" في تعيين ابنته. كل ما قالته وزارة الإدارة العامة والأمن الكورية إن مراجعها خلص إلى أن اثنين من الخمسة أشخاص الذين كانوا في لجنة الاختيار من وزارته، فأعطوا الفتاة درجات أعلى من الأعضاء الثلاثة الآخرين في اللجنة.!
ومع ذلك اتهم الوزير بالمحسوبية والمحاباة، فتحمل المسؤولية عن "الفوضى" التي نجمت عن تعيين ابنته "هو هيون صن" في وظيفة على نظام التعاقد، وقدم استقالته. كما أعلن أيضا أن ابنته لن تحصل على تلك الوظيفة، بالرغم من تأكيده أن إجراءات تعيينها كانت نزيهة.!
أكاد أقسم أنه لو أتى الوزير الكوري إلى بلادنا العربية، ورأى كيف أن وظائفنا تعترف بـ"التوريث" و"قرابة الدم" أكثر من أي شيئ آخر، لعاد إلى وطنه (بعين قوية) وسحب استقالته واعتذاراته أيضا، وطالب برد اعتبار. إن لم يقم بتوظيف "حمولة ميونج هوان" بأكملها.!
قبل عشرة أيام أصدرت وزارة الخدمة المدنية (السعودية هذه المرة) بياناً قالت فيه إن الوظائف محكومة بمبادئ وضوابط، ولا يوجد تمييز اجتماعي أو قبلي. مؤكده على أن الجدارة وتكافؤ الفرص هي الأساس في شغل الوظيفة العامة.
جميع الوظائف محكومة بمبادئ وضوابط ، وليست وحدها وظائف "الخدمة المدنية". لكن ما الذي يحمي حرمة تلك الضوابط .؟!
لو استطاعت وزارة الخدمة المدنية الإثبات للمتقدمين قدرتها على حماية تلك الضوابط من الانتهاك، كاستخدام نظام آلي لنتائج المفاضلات والترشيح لوظائفها، دون تدخل بشري (وهو ما أغفله بيانها برغم طوله). عندها سأشهد بأنها أنقى وأتقى من وزارة السيد "ميونج هوان".!
عيدكم مبارك ..