أكد أستاذ الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية المفكر الإسلامي الدكتور محمد كمال إمام، أن بلاده باتت على أعتاب لحظة تاريخية جديدة، عقب إقرار الدستور الجديد للبلاد، الذي جرى الاستفتاء عليه يومي 14 و15 يناير الجاري، مشددا على أن الدستور لم يمس مكتسبات الشريعة أو هوية مصر، داعيا إلى الاستماع إلى آراء العقلاء من أبناء مصر في شتى المواقع؛ لإعلاء مصلحة الوطن العليا على كل مصالح الفرق والجماعات.
وشدد إمام في تصريحات خاصة إلى"الوطن"، على أنه لا حل للخروج من حالة الاستقطاب التي تعصف بالمجتمع المصري، إلا بتقديم مصلحة الوطن وتحقيق العدالة الانتقالية القائمة على المصالحة والمصارحة، والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبها كل فريق؛ لنبدأ صفحة جديدة من تاريخ الوطن.
وقال إمام، إن الشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع، وهذه مكتسبات من السبعينات في القرن الماضي، والثورة جاءت لدعمها، وليس لتخلية الدستور منها، لذا الدستور لم يغير من صياغة المادة الثانية من الدستور وهي مادة الهوية، ولم يغير من اللغة العربية، ولم يغير مما تعطيه الشريعة الإسلامية من حقوق لغير المسلمين.
وحول حالة الاستقطاب التي تعصف بالمجتمع المصري قال إمام: هناك أسباب كثيرة ليس في مقدمتها اختلاف الرؤى السياسية، وإنما في مقدمتها الخلاف حول السلطة، لذا أرى كلمة غاندي هنا لها مكان، إذ يقول فيها: "كثيرون حول السلطة قليلون حول الوطن"، وأنا أريد أن أقول، يجب أن نكون كثيرين حول الوطن وقليلين حول السلطة، فهناك مصالح أساسية للوطن، ينبغي أن تكون سابقة على مصلحة أي حزب أو جماعة أو تيار أو سلة، فهذه هي مصالح الوطن العليا، ومنها الحفاظ على أمن الوطن، والحفاظ على اقتصاد الوطن ودينه، وحرية المواطن وحرمة المواطن، وعقل الوطن بحماية التعليم، كلها مصالح عليا للوطن، لكن هناك قوى كثيرة تؤدي أدوارا سلبية ضد كل هذه المصالح.
وانتقد إمام الكثير من القوى في المجتمع المصري، ومنها الإعلام، وقال: هو يؤدي دورا سلبيا في كثير من المواقف، وأيضا قادة الأحزاب السياسية، وقادة النخب بكل انتماءاتهم.
أما عن الدماء التي أهرقت في مصر منذ الخامس والعشرين من يناير 2011 حتى اليوم قال إمام: هناك مبدأ إسلامي "لا يطل دم في الإسلام" أي لا يهدر، ومن هنا جاء نظام "القسامة"، فإذا وجد قتيل في محلة لا يعرف قاتله، ففي هذه الحالة يؤتى بخمسين من أهل المحلة ـ المدينة ـ فيقسمون أنهم لا يعرفون له قاتلا، ثم يصبح على أهل المدينة كلهم دفع دية القتيل، فإذا تعذر معرفة القاتل على الدول أن تدفع الدية عن كل من قتلوا ظلما في البلاد. والدية هنا دليل على أننا نحترم حق الحياة والحفاظ على دم الإنسان. وعندما يصبح الجاني مجهولا يتحمل المجتمع الدية، وقد يقول أهل القتيل بالتنازل عن حقهم نظرا لظروف الوطن. وهذا أساس المصالحة.