في الأيام القليلة الماضية زار وفد من أعضاء مجلس الشورى منطقة عسير، ولم يعلم الكثير من أبناء المنطقة عن هذه الزيارة، وأنا واحد منهم؛ فقد يكون السبب عائدا إلى أنني لم أتابع أخبار المنطقة في وسائل الإعلام، أو أن الإعلام لم يبرز هذه الزيارة بالشكل المطلوب، وهو الأكثر قربا من الحقيقة، حيث لم يكن هناك أي أخبار عن هذه الزيارة إلا بعد أن غادر الوفد المنطقة، وتم نشر أخبار عن تلك الزيارة، وقد استقبل الوفد أمير منطقة عسير، كما قابل الوفد أيضا بعض أعضاء مجلس المنطقة، وعددا من أعضاء المجلس البلدي بأبها، وكان من ضمن جدول زيارة الوفد للمنطقة زيارة قصيرة لجامعة الملك خالد، وحقيقة أن مثل هذه الزيارات خطوة في الطريق الصحيح، ويجب أن يكون لها وقت أطول مما كانت عليه، وأن تشمل معظم - إن لم يكن جميع - محافظات ومراكز المنطقة.
وفي أثناء زيارة جامعة الملك خالد تمت مقابلة عدد محدود من قياديي الجامعة تم تحديدهم، وطلبهم مسبقا من قبل الوفد، وأهم ما دار في هذا اللقاء المختصر هو التركيز على بعض الجوانب التي أرى أنها ليست بالأولويات التي يتوقع من أعضاء الوفد أن يناقشها؛ فمن ضمن ما تم مناقشته هو النسبة العالية (70%) من البنات الملتحقات بالجامعة مقارنة بالبنين (30%)، وهنا أعتقد أن الإجابة عن هذا التساؤل واضحة، ولا تحتاج إلى نقاش، أو تساؤل؛ حيث إن فرص التعليم ما فوق الجامعي أمام طلاب المنطقة أكبر فبإمكانهم الالتحاق بجامعات المملكة المنتشرة في مناطق ومحافظات المملكة، وبالكليات العسكرية، وبالمعاهد المختلفة، وغيرها من المعاهد، أو الالتحاق بالوظائف بعد الثانوية العامة، كما أن تحرك الطلاب وسفرهم أسهل من البنات، كما أن منطقة عسير بها أكبر عدد من كليات البنات بعد انضمام كليات البنات إلى الجامعات، ويدرك ذلك بعض أعضاء الوفد من أبناء المنطقة أو بعض أعضاء الوفد من أبناء الجامعة، وهم على علم وإدراك بأسباب ارتفاع نسبة الطالبات عن نسبة الطلاب بالجامعة؟
الجانب الآخر الذي تم مناقشته في لقاء الجامعة هو حاجة المنطقة لكلية زراعة وأخرى للسياحة، وهنا أقول للإخوة أعضاء الوفد من الأكاديميين إن المنطقة ليست منطقة زراعية، وكمية الأمطار السنوية قليلة، والمياه الجوفية شبه معدومة، وهذه من العوامل التي لا تشجع على إنشاء كلية للزراعة بأقسامها المختلفة، وأعتقد أن أعضاء الوفد بحاجة لمراجعة وضع كليات الزراعة بالجامعات السعودية، وأن يتعرفوا على الإقبال على هذا النوع من الكليات، ونسب الالتحاق بها من الطلاب، أما احتياج منطقة عسير لكلية للسياحة فهناك تجربة سابقة في أبها؛ حيث تم افتتاح كلية أهلية للسياحة والفندقة، وكان الإقبال عليها من الطلاب ضعيفا؛ ونتيجة لذلك تم تغيير نشاط هذه الكلية إلى تخصصات أخرى غير تخصص السياحة والفندقة، أما تخصص السياحة فالإقبال عليه ضعيف إن لم يكن معدوما، وهنا أتساءل كيف يتم مناقشة مثل هذه الموضوعات التي يدركها أعضاء الوفد مسبقا، والتجارب أثبتت ذلك، والأمر لا يحتاج إلى كليات متخصصة في هذا المجال، بل بالإمكان أن تكون هناك دبلومات عالية بعد المرحلة الجامعية في مجال السياحة والضيافة تقدم من عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة الملك خالد.
كنت أتمنى أن يركز أعضاء الوفد على جوانب أخرى في جدول أعمالهم تهم التعليم الجامعي بالدرجة الأولى مثل جودة مخرجات التعليم، والبرامج الأكاديمية، والبحث العلمي، وبرامج الدراسات العليا، ومعايير القبول بها، مع التركيز على التخصصات النوعية التي يحتاجها الوطن مثل الطب، والهندسة، والحاسب، والتخصصات الصحية بشكل عام، كما توقعت أن يكون هناك لقاء مفتوح مع بعض أعضاء هيئة التدريس لمناقشتهم في بعض الجوانب الأكاديمية والبحثية وغيرها من الجوانب المتعلقة بالتعليم الجامعي في منطقة عسير، وبما أن الوفد شمل بعض الأخوات كان من المناسب أن يكون هناك لقاء ببعض أعضاء هيئة التدريس من النساء، وعدد من الطالبات والاستماع لهن ومناقشة بعض الجوانب التي تهم تعليم الفتاة في المنطقة، ويكون لقاء آخر مع عدد من الطلاب من قبل أعضاء الوفد من الرجال لمناقشتهم والتعرف على تطلعاتهم واحتياجاتهم التعليمية، وبذلك تتكون لديهم فكرة واضحة عن التعليم الجامعي في منطقة عسير.
ونتطلع أن تكون زيارة وفد مجلس الشورى للمنطقة سنوية على أقل تقدير، وأن تتم مقابلة فئات مختلفة من أفراد المجتمع في أثناء هذه الزيارات، ويتم الاطلاع على كافة الجوانب التنموية، والخدمية عن قرب، ولا أعلم ما الذي كان يتطلع إليه أعضاء الوفد قبل هذه الزيارة، وما الانطباع الذي خرجوا به في نهايتها؟ شكرا لوفد مجلس الشورى على زيارته ونتمنى أن تتكرر هذه الزيارة في المستقبل القريب.