حينما يتناول الخبر الإعلامي نجاح سيدة ما، في حصولها على شهادة علمية أو إنجاز علمي، فإن الكثير يتجاهلون ذلك وينظرون إلى شكل حجابها الذي ظهرت به باعتبار ذلك مبررا لتقبلها أو رفضها، فالبعض يتوجب عليهن قبل الظهور مراعاة هذه الحالة، وقد انتشرت بعض الصور في الآونة الأخيرة التي تحمل خبرا عن تحصيل علمي لامرأة، بينما لا يظهر في الخبر إلا بعض الرجال، جعلنا نتساءل أين هذه الناجحة، وهل من يظهر في الصورة ينوب عن حضورها حتى في نجاحها؟! فقد يصل بها الخجل إلى حد يلزمها ألا تظهر أصلا؛ لأن الظرف الاجتماعي يلزم النساء بالتمسك بهذا القيد؛ حفاظا للرؤية التي يقرر منها المجتمع مستوى احترامهن، وهذا بالرغم من أن المنجز العلمي لا يدعو للاختباء، إنما يعدّ من أهم الدوافع المشرفة لإبراز الذات والحضور، ومن المفترض ألا يتزامن العلم والتعلم مع التخلف في واقع الحال، إلا أن المرأة مهما بلغت في العلم فالتخلف الاجتماعي يفرض أسلوبه.
في صورة أخرى، تقام الكثير من الندوات والمحافل التي تتضمن حضور السيدات والرجال معا، وقد لا يقتصر الوجود على الحضور إنما المشاركة أيضا، وأثناء التغطية الإعلامية والحديث الصحفي نجد أن النساء خارج الحسبة، ففي مثل هذه المناسبات لا يوجد شعور بالنقص من عدم إبراز النساء وأدوارهن كمؤثرات فاعلة، وبالتالي لا يعدّ ظهورهن مكملا، وهذا يعطي إيحاء بأن نجاح الفعالية يسير دون الحاجة إليهن، وأن وجودهن كعدمه.
تاريخ طويل من تهميش النساء والتبعية، صنع الرجال تنظيم حياتهن الاجتماعية، وفرضت لهن القوانين التي تنظم سلوكهن دون الأخذ بالرأي أو المشاركة، فصورة المرأة العاجزة المنقادة هي الأكثر رسوخا، في حين استسلامها لتملك الرجل مما يشكل لديها معاناة مضاعفة، وبالمقابل فإن المرأة الناجحة التي استطاعت الاستفادة من تطور الظروف، من خلال تحصيلها الثقافي والعلمي ساعدت نسبيا في تحسين هذا الوضع، ولكن دون الخلاص من دائرة المعاناة المستمرة، وهذا التحجيم للمرأة يغيبها عن الفعل، ويجعل صراعها ليس مع الرجل نفسه، إنما مع جملة من المعطيات الثقافية والاجتماعية، التي انتزعت بكل بساطة حقها في الوجود.