السعودية – ولله الحمد – أرض خصبة للمواهب في مختلف الرياضات، وفي الأصل المواهب توجد في أصقاع المعمورة مع تباين النسب، التي تجيز لنا في وطننا الحرص دائما على المطالبة بالرعاية والتنشئة والتطوير.
وإن كانت شهرة كرة القدم تنصف (المواهب) وقد تفسدها، فإن عددا من الألعاب الأخرى تفرز بين فترة وأخرى لاعبين يحققون مكاسب قوية، لكنهم يتوارون سريعا لأسباب عدة منها الرعاية ومكافآت التحفيز بما فيها الصقل بكل فروعه المالية والتدريبية والاحتكاك. أما في كرة القدم فإن (العقود الملايينية) داء عضال لكثيرين.
وفيما يخص عنوان المقال، فإن سعود الحقباني (ناشئ) يواصل حصد الألقاب باسم المملكة العربية السعودية، وآخرها في واشنطن الأسبوع الماضي، محققا بطولة التنس الدولية الكبرى متفوقا على المصنف الثاني الأميركي اندروا دالي بمجموعتين (6/2 و6/0).
وقبل ذلك تخطى المصنف الأول الأميركي بن كاتيا بمجموعتين (6/1 - 6/4). وشارك أيضا في تحقيق بطولة الزوجي مع الأميركي بن كاتيا، ليجمع بطولتي الفردي والزوجي، وليس هذا فحسب بل تصدر قائمة لاعبي التنس في شرق الولايات المتحدة الأميركية تحت 12 سنة.
وقبل نحو سبعة أشهر تم تكريمه من قبل الاتحاد السعودي للتنس في الرياض بطلا للعرب في حفل ترك أثرا طيبا في نفوس كثيرين بمشاركة بعض رجال الأعمال، ووالده الدكتور فالح الحقباني وبعض أفراد عائلته.
سعود وشقيقه الذي يكبره (عمار) تدربا في أميركا منذ الصغر مع والديهما لارتباط عملي في الملحقية، ولأنهما موهوبان فقد تفوقا على مختلف الجنسيات، ورفعا العلم السعودي في محافل عديدة وقدما نجاحات للعبة.
هذان البطلان قام على رعايتهما والداهما، وهو ما أشار إليه الدكتور فالح في حفل التكريم، بما يؤكد أن اهتمام الوالدين أهم ركائز النجاح، بشرط توافر فرص التدريب والتحفيز والرعاية من المختصين سواء في الأندية أو الاتحادات. والخوف أن يتوارى سعود وغيره بمجرد انتهاء مهمة والده خارج السعودية.
ومن هنا نجدد المطالبة بأن تكرس اللجنة الأولمبية والرئاسة العامة لرعاية الشباب جهودهما في بلورة الدراسات على صعيد (التنشئة) وفق أسس علمية واحترافية، مع التشديد على أن من واجب الجهات العليا في الدولة ولا سيما وزارة المالية أن تمد يد العون بميزانية أفضل تتناغم ومتطلبات العصر الحديث، وإلا فإن وطننا سيواصل تكبده خسائر فادحة وضياع شباب المستقبل بتعطيل مواهبهم، لا سيما أن دولتنا مترامية الأطراف أشبه بالقارة ومن السهل اكتشاف (براعم) في مختلف الرياضات يحتاجون للعناية احترافيا وتعليميا بما يقوي مخرجاتنا ويعيدنا للواجهة في أكثر من مشهد. والحقيقة التي تستحق التنويه أن هناك جهودا كبيرة في السنتين الأخيرتين وزادت هذه السنة حيال إعادة صياغة الرياضة المدرسية وجهود خاصة من اتحاد القدم وبعض الرعاة لتنشئة مواهب كرة القدم، لكن هذا قد لا يحقق أهدافه ما لم تقر الدراسات على أرض الواقع.
ولست الوحيد، بل هناك زملاء كثر تحدثوا وطالبوا، وواكب ذلك تحرك من بعض المسؤولين لكننا مازلنا نسير ببطء شديد يقودنا إلى أن تكون طموحاتنا سرابا.
ومع تحقيق بطولات أو بروز لاعبين في أي لعبة من الألعاب القاتمة إعلاميا بمشاركة قياديين يظهرون فقط في مناسبات ذهبية، تكون الفرصة ملائمة لنا أن نعيد ما كتبناه مرارا أو تطرقنا إليه في الفضاء، وهذا ما يحدث اليوم بمناسبة تحقيق البطل (سعود الحقباني) عدة إنجازات في بطولة التنس الدولية بواشنطن.
نأمل أن تكون النقلة الجديدة على صعيد اللجنة الأولمبية السعودية والاتحادات بادرة خير في صياغة استراتيجيات وخطط فاعلة.