تأتينا الفرص تباعاً لأن نحد من التعصب الكروي الذي ما زال يفتك بالجسد الرياضي السعودي منذ عقود, وظل كثيرون يقتاتون منه, ومن توجيه أدواته الحادة والسامة رياضياً, ويحاولون إحداث الشروخ في البنية النفسية والذاتية لمدرجات أنديتنا لمصالح لم ينزل بها الله من سلطان, ولا تتفق مع العقل الجمعي, وإنما تسير بطريقة أحادية, تهدف إلى أن تصل إلى حقائق مزيفة على طريقة "أنا ومن بعدي الطوفان", وهو ما أخشى أن تتغذى دوافعه في ظل استمرار حالات الجفاء والهجران بين أقطاب الأندية الرياضية التي تحمل في خصائصها الكروية والتاريخية أنفاس التعصب (قاتله الله).
رحل رمضان، واليوم أول أيام عيد الفطر المبارك فرصة إلى أن نحاول ـ مجرد محاولة ـ أن نقطع أول خيوط دابر التعصب الذي أعمى كثيرين عن السير بالأندية قدماً, بعدما انحصر جل تفكيرهم البالي في البحث ليل نهار عن كيفية إفساد مخططات تقدم أندية الجوار, فماذا لو استثمر رؤساء الأندية ذات التنافس التقليدي وقاموا بمعايدات متبادلة؟, وماذا لو حضر كل رئيس ناد أو من ينيبه تدريبات الفريق الآخر, حتماً تكرار ذلك على مدى سنوات سيقلص حدة التعصب لدينا, وإن لم يقض عليها، لأن مدرجنا حاد في طبعه في التعبير عن آرائه الكروية, ونحتاج إلى عقود وبرامج طويلة المدى حتى نخلص جسد رياضتنا من ذلك التعصب المقيت, كون الأكثرية لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب.
شهر رمضان لم تمض ساعات على رحيله, ولذا فإن لم يهذب ذلك الشهر الكريم أخلاقنا وتعاملاتنا الرياضية مع الآخرين فما الذي سيغيرنا إذن!!.
كانت لنا فرصة كبيرة في ذلك الشهر أن نوقظ الضمير الجمعي ونقيم موائد الإفطار الطويلة داخل صالات أنديتنا المغلقة ندعو من خلالها رؤساء أندية الجوار وجماهيرها لنفتح أول صفحات نبذ التعصب, وحين رحل الشهر دون ذلك فإن الأمل معقود في تنفيذ ذلك بدءاً من السنة المقبلة, وهناك فرصة مواتية لأن نظهر صدقنا وعزمنا في تنفيذ أكبر مشاريع القضاء على التعصب بأن تقف أندية السعودية وعلى وجه الخصوص مدرج النصر مع ممثلي السعودية في الآسيوية (الهلال والشباب) وكذا العكس, وأن تشمل هذه الوقفة كافة الأصعدة الرسمية والشرفية في تلك الأندية إن كنا صادقين في تقوية اللحمة الوطنية لرياضتنا التي ما زالت تئن من ويلات زارعي التعصب.