على الرغم من التوقعات بتضاؤل فرص اندماج المصارف في عام 2014، إلا أنه من المرجح توجه البنوك الصغيرة والمتوسطة إلى عقد صفقات اندماج فيما بينها نظراً لارتفاع كلفة الالتزام بالمعايير المصرفية الجديدة، ولكثرتها وتعقيداتها، مما يستلزم بذل جهود إضافية للحصول على المعلومات والأرقام المطلوبة واستخدام أدوات وأنظمة آلية متقدمة لبرمجتها واحتساب أثرها.
وبحسب تقرير مصرفي مفصل لمؤسسة عربية مختصة بالشأن الاقتصادي، تلقت "الوطن" نسخة منه، فإن ظروف القطاع المصرفي العالمي لا تعزّز من حظوظ الاندماجات في السنة الحالية (2014)، لكنها توقعت في الوقت نفسه توجه "المصارف الصغيرة والمتوسطة" للدمج بشكل أكبر.
واستند تقرير مؤسسة الاقتصاد والأعمال على استطلاع للرأي أجرته شركة التدقيق والاستشارات KPMG مؤخراً، أظهر أن 13% فقط من مسؤولي المصارف في الولايات المتحدة يعتقدون أن مصارفهم ستدخل في عمليات دمج أو تملك العام المقبل مقابل 21% في العام الماضي. وأضاف الاستطلاع أن "ذلك يأتي في ظل تزايد التشدد من قبل السلطات النقدية في هذا المجال مقابل تراجع الاستعداد للبيع في انتظار ارتفاع أسعار الأسهم التي لا تزال قرب أدنى مستوياتها في العقدين الأخيرين على أقل تقدير".
ووفقاً للتقرير، فإن المصارف الكبرى تنقل تركيزها عند إقدامها على أي عملية دمج من مسألة الحجم وجمع الودائع إلى نوعية الموجودات وجودتها، ومن الاهتمام بالانتشار العالمي إلى التركيز على الجدوى الاقتصادية من التواجد في بلدان معينة.
كما يرجح الخبراء بحسب التقرير، أن تستمر تلك المصارف في التركيز على كيفية الالتزام بمعدلات الملاءة والسيولة الجديدة بموجب معايير "بازل 3"، التي يتوقع أن تنعكس سلباً كذلك على قدرتها على التوسع وتحقيق النمو في الحجم.
وبناء على التقرير، فإن الهدف من الدمج لم يعد لتحقيق "اقتصاديات الحجم" لتأمين النمو والربحية، بل إن زيادة تعقيد العمل المصرفي والقيود عليه تضطران المصارف إلى الأخذ في الاعتبار عوامل متنوعة واحتساب نسب ومعادلات عديدة قبل الإقدام على أي عملية دمج، منذ أن تزعزعت الثقة بالمصارف الكبرى بعد الأزمة المالية الدولية في 2008.
وأكد تقرير المؤسسة أن المصارف الغربية تواجه ضغوطاً متزايدة بفعل النمو المتسارع في حجم عدد من المصارف الآسيوية وخاصة الصينية التي بات عدد متزايد منها يحتل المراتب الأولى في ترتيب المصارف حول العالم، ما يزيد من قدرتها على منافسة المصارف الغربية في بلدان ومناطق عديدة.
وأضاف التقرير: "يمكن القول إن أوضاع المصارف الغربية المتوسطة الحجم عامة تحسنت في العامين الأخيرين بحيث أصبحت تبدو أكثر جاذبية وأقل مخاطرة بالنسبة للمصارف الكبرى الراغبة في شراء وتملك مصارف أخرى، إضافة إلى أن أسعار أسهم المصارف عامة ما زالت دون مستوياتها التاريخية وكذلك دون قيمتها الدفترية، مثل "سيتي بنك" الذي تبلغ قيمة سهمه في السوق0.67% من قيمته الدفترية.
وبحسب التقرير الاقتصادي فإن الوضع المصرفي العربي لا يختلف كثيراً عنه في مناطق أخرى من العالم، وإن كانت بعض البلدان شهدت حركة نشطة نسبة لغيرها ولا سيّما البحرين، مضيفاً: "وقد برزت الحاجة إلى الدمج في البحرين هذا العام أكثر مما هو في الدول الخليجية الأخرى، بسبب تأثر البحرين بالتوترات السياسية المحلية إلى جانب تداعيات الأزمة المالية الدولية، وقد شهدت ثلاث عمليات دمج منذ بداية السنة، تشكل بداية سلسلة من عمليات الدمج والتملك تهدف إلى تقوية القطاع المصرفي البحريني وتعزيز قدرته التنافسية على المستوى الإقليمي".