من أكثر مستفزات هذا العصر هي دعوة البعض لحجب الآراء ومنعها من التداول والتلاقح بحجج واهية جلها تستند لتبريرات تجاوزها الزمان والعقل والمجتمع المتحضر، إلى جانب كونها ترى الوصاية على الفرد واعتباره مجرد تابع لا عقل له تماما كما الدواب التي تسير خلف راعيها بفطرتها، حيث لا محرك لها إن تركتها لوحدها سوى بمحفزاتها الحيوانية البدائية.
في دراسة جديدة تمحورت حول التعبير عن الرأي لدى طلبة الجامعات السعودية تبين لنا بأن جزءا كبيرا من الجيل الشاب من فتيان وفتيات الوطن مؤمنون بأن لديهم حرية التعبير وربما حق الحرية في التعبير عن آرائهم وأفكارهم المختلفة، حيث أقر 64% منهم بتمتعهم بحرية الرأي حول القضايا التي تخص تعليمهم الجامعي في وقت نوهت الدراسة بأن النسبة الكبرى من أفراد العينة اطلعوا على الأنظمة والقوانين الجامعية وحقوقهم وواجباتهم فيها، حيث بلغت نسبتهم 55%، مما يؤكد بأن هؤلاء الطلبة يعون جيدا حقوقهم وبالتالي يعون ما يقولونه وما يطالبون به من خلال تعبيرهم عبر الوسائل التواصلية المختلفة.
وأوضحت نتائج الدراسة التي تحمل عنوان "أسباب ودوافع استخدام طلاب وطالبات الجامعات السعودية للإعلام الجديد للتعبير عن الرأي وعلاقتها بالأنظمة الجامعية"، والتي شارك فيها 230 طالبا وطالبة من مختلف الجامعات السعودية وأعدها فريق عمل من طالبات أول دفعة في برنامج دكتوراه الإعلام في كلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود على أن تويتر يأتي في مقدمة وسائل التواصل الاجتماعي، التي يستخدمها الطلاب والطالبات في عينة البحث للتعبير عن آرائهم بنسبة بلغت 80% في مؤشر واضح على أهمية هذه المنصة في التأثير على الجيل الشاب ومرجعيته في التأثير والتأثر في القضايا التي يتم تناولها، وهو ما لم يفهمه كثير من المشتغلين في المؤسسات الحكومية والتعليمية على وجه الخصوص، الذين ما زالوا ينظرون لهذه المنصة باعتبارها منصة تآمر ومتنفسا ساذجا لمجموعة من العقول البدائية، التي لا تعي مصلحتها ولا تفهم تعقيدات الظروف!
زمن الوصاية على العقول قد انتهى بلا رجعة مهما حاول المتحجرون، فالمتحكم الوحيد القادر على ضبط هذا السيل من الأفكار يكمن بكل بساطة في التعامل معها باحترام وضبطها بقانون عادل متوافق مع حقوق البشر.