قصة المواطن مع المشاريع الهائلة المتعثرة، ومع المسؤولين عن هذه المشاريع في الوزارات والإدارات الحكومية تختصرها هذه الحكاية من أساطيرنا الشعبية: تحكي الرواية أن قروياً من بيننا اقتنى "حصاناً" ظل حديث كل هذه الشعوف والتخوم، ولكن أخانا القروي كان مشهوراً بالإهمال والبخل حد تجويع هذا الحصان، رغم أن سكان القرية يسمعونه اللوم والتقريع، ورغم أن في "سفلي" منزله من الخير والقوت ما يشبع هذا الحصان حد التخمة. وتحت ضغط سكان القرية ولومهم حمل صاحبنا حزماً من أعواد الذرة ثم أقبل بها إلى الحصان، ولكنه بدلاً من أن يضعها بين يديه، رمى بها فوق سقف العشة "الإصطبل". الهدف أن يطمئن الحصان. ذهب القروي للشرفة العليا من المنزل، ومن نافذته كان يشاهد الحصان وهو "يصهل" كمزمار لا ينقطع صوته: مربوط في زاوية إصطبله، بينما عيناه جاحظتان إلى ما فوقه. ومرة أخرى يريد هذا القروي أن يبعث رسالة اطمئنان إلى الحصان، فكان يصيح بأعلى صوته من النافذة في أعلى الشرفة: هو... لك. هو... لك. هو... لك.
هو... لك، أو "إنها لك" هي أنا، وهو أنت ونحن جميعاً هذه "الأحصنة" التي "تصهل" من بخل المسؤول وإهماله، رغم أن وطني لم يبخل على هذه المشاريع، ولم يرفض تمويل فكرة تنموية. هي ماسورة المياه الجافة على جدار منزلي منذ ثلاث سنين، وكلما سألنا عن التدشين قال لنا المسؤول: هو... لك.
هي المدينة الطبية الهائلة التي ننتظر زراعة عمودها الأول منذ عامين، وكلما حاولنا أن "نصهل" إليها بالسؤال جاءنا الجواب: هو... لك. هي المدينة الجامعية التي أحلم بالتقاعد عن فصل دراسي بها، وكلما رفعنا السؤال جاءنا الجواب: هو... لك. هي الأنفاق والكباري التي جعلت حياتنا جحيماً في شوارعنا منذ ثلاث سنين، وكلما سألنا عن "نهاية النفق" جاءنا الجواب من أمانة المدينة: هو... لك.
باختصار، هي كل ما أعطانا إياه وطننا بكرم ونبل في الماسورة والرصيف والمشفى والمدرسة والنفق والجامعة والحديقة والممشى والطريق المزدوج وأعمدة النور وشجرة الزينة، ولكن: إلى متى ونحن "نصهل" كالخيول، بينما آلاف المسؤولين يردون علينا من شرفات مكاتبهم: هو... لك.