على الرغم من أن مشاهدي القنوات الفضائية، أصبحوا يتندرون على الأسلوب التقليدي الذي يعود إلى عشرات السنين لبعض الإعلانات التجارية التي تنشط في مواسم مثل رمضان والأعياد، والتي تأتي على شاكلة " لذة لا تقاوم" و" تمتع بالصحة معنا" . إلا أنه يمكن الإشارة إلى بعض الأفكار الإعلانية اللافتة التي تتّبع أسلوبا غير مباشر وفجا في الترويج للمنتج، وذلك من خلال مخاطبة بعض الفئات الاجتماعية وخصوصا الأطفال بلغتهم هم وبما يحبونه. وفي هذا الإطار لفت نظري إعلان تجاري تقدمه إحدى شركات الاتصال في المملكة. ظاهره أغنية عن العيد جاذبة جدا للأطفال، تتوافر فيها جميع عوامل التشويق والإبهار من حيث الكلمات والصورة والأداء الصوتي، وباطنه شعار الشركة دون أي تعليق أو توجيه بأن هذه الأغنية برعاية الشركة الفلانية كما يحدث في معظم الإعلانات الأخرى.

وبالطبع لا يمكن الحكم على نتيجة هذا الإعلان المغلف بالأغنية العيدية، خلال أيام من بثه. ولكن مؤشرات إعلان سابق لذات الشركة وفي الإطار نفسه يوحي بأنه صناعة إعلانية ذكية، رسّخت شعار الشركة في أذهان الكثير من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم خمس سنوات، حتى وإن لم يعرفوا ما الشركة وما طبيعة الخدمة التي تقدمها. إذن فهذا الإعلان وما شابهه من الناحية التقنية والمهنية، متميز ويوحي بلمسة إبداع، وتفكير مستقبلي. ولكن الخوف أن نجاحه في جذب الأطفال وإثارة اهتمامهم قد يجعل شركات أخرى ـ تقدم ما يضر بالصحة أو الفكر ـ تحاول استنساخ التجربة وإعادة إنتاجها كما يحدث في مجتمعنا عند نجاح أي عمل أو منتج، ثم تقدمها في قالب أكثر جذبا، ولحظتها لن نستطيع إقناع أطفالنا بخطورة هذا المنتج على صحتهم أو عقولهم. فالأمر يحتاج إلى ضبط ومراقبة من قبل الجهات المختصة، قبل أن تتحول برامج الأطفال لدينا إلى وجوه أخرى لشركات متخصصة في المنتجات الغذائية المضرة بالصحة أو تلك المتخصصة في إنتاج الألعاب الرديئة صناعة وتأثيرا سلوكيا. فما يقدم على الفضائيات العربية للطفل يدل على أننا أكثر شعوب الأرض إهمالا لأطفالنا، فهم لا يعرفون سوى "توم وجيري" و"خروف المدينة " وما بينهما من مسلسلات كرتونية يخجل المتزوجون من مشاهدة بعض مقاطعها "العاطفية" فما بالك بأطفال في عمر الزهور .