ما تعرض له اللاعب الخلوق كابتن نادي الأهلي السعودي تيسير الجاسم، بعد هزيمة فريقه في نهائي كأس الملك من هجوم طائفي بغيض، ما هو إلا مؤشر خطير لمستوى الانحطاط الفكري والنفسي والأخلاقي الذي يعشعش في أنفس بعض أبناء هذا الوطن، ممن أصيب بفيروس الإقصاء والتخوين ورفض الآخر قريبا كان أم بعيدا.
مشكلة الرياضة لدينا ليست في كونها فقط عجزت وتعجز عن تحقيق إنجاز رياضي حقيقي خلال العقدين الأخيرين، بل هي في عدم تمكنها من تحويل الرياضة إلى قيمة أخلاقية، تدعم الفكر الشبابي وتؤصل لرقي حضاري، كما هو الحال في كثير من الدول التي أصبحت فيها الرياضة منارة حقيقية للإنجاز الفردي، ومنارة وطنية يفتخر فيها القاصي والداني.
لا خلاف في أن تحررنا في دول العالم النامي من قنوات الإعلام التقليدية، أتاح للأفراد قبل الجماعات حرية الحركة والتعبير عما يجول في أذهانهم من رؤى وأحلام، جلها ـ ولله الحمد ـ تصب في اتجاه بناء الأوطان والرقي به، إلا أنها كذلك تمكنت من كشف الكثير من عيوب الفكر المجتمعي، وأتاحت له فرصة الخروج وتلويث المحيط بأنواع الفيروسات الفكرية كافة، التي إن لم توضع لها قوانين رادعة تحد من انتشارها وتعاقب مرتكبيها، فإنها ستتمكن من التحول إلى وباء يصيب كل عقل ضعيف، ونفس تائهة، وجسد يسعى للنجومية والبطولة اللفظية.
الرئاسة العامة لرعاية الشباب عملت خلال السنوات الأخيرة على إعادة ترتيب أوراقها من الداخل، واستطاعت تحويل آلياتها الرياضية إلى ما يمكن عده عملا مؤسسيا، خاصة في الجانب المتعلق بكرة القدم، وهي تغييرات إيجابية في الجوانب الإدارية والتنظيمية تتوافق مع الشروط الدولية ومتطلباتها، التي تتيح للمملكة المشاركة بشكل أكثر شفافية في المناسبات الدولية، تماما كما في الدول المتقدمة، إلا أن الرئاسة مطالبة اليوم بالعمل بشكل أكثر جدية بالتعاون مع جميع الجهات المعنية، ببناء الفرد على ترسيخ الأخلاق الرياضية في فكر الشباب، من خلال برامج المدارس المختلفة، والنوادي الرياضية والاجتماعية، فاستفحال حالة التعنصر والطائفية في المحيط الرياضي سيكون له انعكاس خطير على شريحة كبيرة من جمهور الشباب المؤثر والمتأثر بالرياضة.
عندما يرتدي تيسير فانيلة المنتخب السعودي، فهو يمثلنا جميعا، وعندما يلعب في ناديه، فهو النجم السعودي الخلوق، وعندما يتهجم عليه الطائفيون، فحري بنا أن نقول لهم بصوت واحد: "كلنا تيسير الجاسم".