يتمنى الواحد منا أن يكون في شباب دائم وأن يعامله الناس على أنه شاب، ويبذل قصارى جهده كي يكون شاباً، ويكره أن يسمع كلمة (شيبة) أو يقال له (كبرت)، إذ إن لهذه الكلمة مفعولاً نفسياً سيئاً لمعظم البشر، والرد الجاهز ممن يقال له (كبرت) هو: "الشباب شباب الروح".. فعلاً الشباب شباب الروح، إذ إن هناك من هم في العشرينات والثلاثينات وأرواحهم تتجاوز الخمسين والعكس صحيح، إلا أن العمر الزمني له تبعاته وعلى رأس هذه التبعات الصحة التي مهما غالى الإنسان وتظاهر ببقائها إلا أنها ليست كما هي في أيام الشباب.
التمسك بالشباب ليس عيباً، فالإنسان يتمسك بكل ما هو جميل ويحقق له السعادة، ولا يود مفارقته، وأيام الشباب هي أجمل أيام العمر، فيها الانطلاق والتحدي والسهر والمغامرة، حياة صاخبة لمعظم بني البشر، فيها تنطلق الأحلام والطموحات ويبدأ الإنسان في تحقيق تلك الأحلام والطموحات ما أوتي إلى ذلك سبيلاً، فيها يقدم الإنسان على إكمال نصف دينه، ويدخل تجربة حياتية جديدة ومسؤوليات جديدة، وإذا نجحت تلك المؤسسة العائلية يكون أسعد خلق الله، وإلا فإنه يذهب للبحث عن فردوسه المفقود في مكان آخر، والبعض يرضى بنصيبه ويبقى أسير همه الدائم.
وفي الشباب يتحين الإنسان الفرص كي يبني نفسه جيداً ويستعد لمقبل الأيام حين يتقدم به العمر وتبدأ الصحة والقوة في التلاشي، وعلى الرغم من التقدم في السن، إلا أن الإنسان لا يحب أن يقال له (كبرت) فهي ثقيلة على مسمعه وكأنها تعني أن صلاحيتك قد انتهت أو أوشكت على الانتهاء، ويبدأ يشعر بالضيق حين يعامله الآخرون على أنه كبير في السن وينادونه "عمي" أو "أبوي"، ويفسحون له المجال كي يجلس، حتى ولو كانت روحه أكثر شباباً منهم، وإذا كان الرجال يفعلون ذلك ويحسون بذلك الإحساس المقيت، فما بالنا بالنساء؟ ألم يقل أحدهم إن (السر الوحيد الذي تستطيع المرأة إخفاءه هو عمرها)! فسن المرأة هو خط أحمر والشعر الأبيض في رأسها كارثة، والتجاعيد بداية الاكتئاب، اسأل المرأة عن أي شيء إلا عمرها، كما أنك لو عرفت عمر المرأة الحقيقي فعليك أن تنقص منه الثلث كي تنال إعجابها واهتمامها.