كيف يكون في وسع المرء أن يكون مسلمًا فرنسيًّا على وجه الخصوص، ومسلمًا أوروبيًّا على وجه العموم؟ بهذا السؤال بنى الصحفيان الفرنسيان سيدريك بايلوك وميشال بريفو، حواراهما مع إمام مسجد بوردو الكبير في فرنسا الشيخ طارق أوبرو، الذي امتد لجملة محاورات خاضاها مع أوبرو الذي يتمتع بغزارة وسعة معارفه الدينية الإسلامية والفلسفية الغربية، يمتلك قدرًا هائلا من الالتزام بدينه الإسلامي ومن الاعتداد بالجنسيّة الفرنسيّة التي يحملها، وله في الطائفة الإسلامية في المدينة الفرنسيّة الثالثة أصداء مهمة، ليصدرها في كتاب (إمام في فرنسا.. رسالة ووظيفة) صادر عن دار جداول للنشر والترجمة في بيروت، نقله للعربية من اللغة الفرنسية رئيس قسم الفلسفة في جامعة محمد الخامس في الرباط الدكتور سعيد بن سعيد العلوي، وهو موجّه أصلا إلى قرّاء اللغة الفرنسيّة بعامة، وللفرنسيين خاصة، وربما إلى شرائح معدودة من المجتمع الفرنسي يكون المسلمون في عدادها.

الكتاب يعرض لقضايا ميتافيزيقية وإشكالات فلسفية - لاهوتية، كما يبسط وجهة نظر كاملة من خلال عرضه للقضايا المختلفة التي خاض فيها، ومن ذلك قضايا المواطنة الأوروبيّة والديانة الإسلاميّة، واللاييكية، ودلالة الانتساب إلى الإسلام اليوم أو، في عبارة أخرى، المعنى القائم في كون المرء مسلمًا فرنسيًّا أو - بالأحرى - فرنسيًّا (أو غربيًّا عمومًا) يدين بالإسلام. كما أن تلك القراءة، والحافز الآخر، على الإقدام على تعريب الكتاب هو أنه يفتح أمام المسلمين في بلاد الإسلام أو في البلدان ذات الأغلبية الإسلامية العظمى آفاقًا للنظر والتفكير، وربما إعادة التفكير والتأويل معًا، في قضايا تتصل بالتجديد الديني وإعمال الفكر في المعاني العميقة التي تقتضيها مباحث مقاصد الشريعة.