بعد أن أخلت كل من وزارة العدل ووزارة التجارة والصناعة مسؤوليتهما عن النظر في دعاوى الأوراق التجارية المحررة قبل تاريخ 18/4/1434، كشفت وزارة العدل لـ"الوطن" عن الوصول إلى اتفاق مع وزارة التجارة لحسم هذه الدعاوى بعد عقد عدة اجتماعات، مشيرة إلى أن الآلية التي تم الاتفاق عليها رفعت إلى المقام السامي للنظر فيها والموافقة عليها بشكل نهائي.

وأكدت وزارة العدل على لسان مدير إدارة الإعلام والنشر بها إبراهيم الطيار أمس، وجود انفراجة في خلاف وزارة العدل والتجارة حول قبول دعاوى الأوراق التجارية المحررة قبل تاريخ 18/4/1434، مبينة أنه بحسب إفادة إدارة الحجز والتنفيذ فقد تم عقد بعض الاجتماعات مع وزارة التجارة والتي انتهت بالاتفاق على آلية محددة لقواعد الاختصاص بنظر الأوراق التجارية التي سيتم الإعلان عن تفاصيلها قريباً فور صدور الموافقة على ذلك من المقام السامي الكريم.

من جهته، انتقد المحلل الاقتصادي فضل البوعينين تأخر كل من وزارتي العدل والتجارة في تحديد الجهة التي تنظر في الأوراق التجارية له وفق التاريخ المشار له وقال في حديثة لـ"الوطن": إن كل ما له علاقة بالتقاضي ينبغي أن يكون تحت مظلة وزارة العدل، مؤكداً على ضرورة وجود قضاء تجاري متخصص، مضيفاً: "وهذا ليس مطلباً محلياً فقط بل هو مطلب دولي لأن لدينا أكثر من جهة خارج نطاق وزارة العدل، يمكن لها أن تقوم بعملية التقاضي وإصدار الأحكام التجارية، في حين إن مثل هذا الأمر ينبغي أن يكون ضمن اختصاص وزارة العدل فقط". وذكر البوعينين أن تفاصيل الآلية التي ستحددها كل من وزارة التجارة ووزارة العدل للنظر في الأوراق التجارية يجب ألاّ تتخذ فيها قرارات تتعارض مع المتطلبات الدولية وذلك فيما يتعلق بالجهات القضائية، لافتاً إلى أن المملكة جزء من منظومة تجارية عالمية وبالانتقال إلى التقاضي التجاري بأنواعه نجد أن هذه النقطة تحول بين تدفق الاستثمارات التجارية الخارجية وبين دخولها للمملكة.

وأوضح البوعينين: "قطاع المال والأعمال لا يمكن فيه المغامرة بالدخول في أسواق مالية لا يعتقد المستثمر الخارجي أن النظام فيه سيكون متفقاً مع المعايير الدولية، ونعني بذلك ما يرتبط بالقطاع التجاري على وجه الخصوص".

وأكد البوعينين أن المملكة جزء من منظمة التجارة العالمية، وهذه العضوية تفرض على المملكة أن تقوم بتنفيذ معايير التقاضي بما يتعلق بالقضايا التجارية، والحل الأمثل في هذه الحالة أن تكون وزارة العدل هي مظلة التقاضي في جميع التخصصات وأن يكون تحت هذه المظلة تخصص في القضاء التجاري بما يحقق الفائدة ويتوافق مع المعايير القضائية المعمول بها عالمياً.

وقال البوعينين: "هل يعقل أننا ما زلنا نتباحث حتى الآن حول جهة الاختصاص في أهم القطاعات الاقتصادية في المملكة؟"، مشيراً إلى وجود إشكالات ليست مرتبطة بهذه المسألة فقط وإنما إشكالات متعددة ترتبط أيضاً بلجان قضائية لا علاقة لها بوزارة العدل ولكنها تقوم بالنظر بقضايا مالية والبت فيها وإصدار الأحكام، وأنه من الغريب أن تكون تلك الأحكام غير نافذة بما يتعلق بالأحكام "التعزيرية" إلا بالرجوع لوزارة العدل، واصفاً ذلك باعتراف حقيقي أن وزارة العدل هي المظلة للتقاضي في المملكة بجميع التخصصات.

وأضاف البوعينين: "نرجو أن تكون وزارة العدل هي المسؤولة عن إصدار أي حكم قضائي في أي قضية في المملكة وفق التخصصات التي أحدثت في وزارة العدل ووفق برنامج خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء في المملكة.

من جهته، أشار المحامي والمستشار السابق في هيئة الخبراء في مجلس الوزاء ولجنة تسوية المنازعات المصرفية عاصم العيسى في تصريح لـ"الوطن"، أن التنظيم القضائي في المملكة ذو طابع يميل إلى تعدد جهات التقاضي، مضيفاً: "وكان هناك تنظيم للقضاء عام 1428 حرص على توحيد جهات التقاضي وأبرز ما جاء فيه من تنظيمات إنشاء محاكم مستقلة ومتخصصة لعدد من الجهات ومن ضمنها التجارية".

وقال العيسى إن التأخر في إنشاء مثل هذا التنظيم نشأ عنه تعدد جهات التقاضي وما يعرف بالاختصاص مما أثر على حركة التعاملات الاقتصادية قاطبةً محلياً ودولياً، الأمر الذي دفع بمطلب أساسي لتوحيد جهات التقاضي خاصة في الجهات ذات الاختصاص المتداخل والمتشابه مثل لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية.

ودعا العيسى إلى إنشاء "محكمةً مالية" ولجان مستثناة وهي لجنة الفصل في المنازعات والأوراق المالية ولجنة تسوية المنازعات المصرفية واللجنة الجمركية ولجنة مخالفات التأمين والاستثمار وتكون لجاناً قضائية تحت مظلة وزارة المالية، مضيفاً: "وهو ما نحن بحاجة له أسوة ببعض الدول".