"على الرغم من الجهود التي بذلتها النرويج لسن تشريعات جديدة للرقي بحالة حقوق الإنسان منذ الاستعراض الدوري الأول، إلا أننا نشعر بالقلق من عدم إنشاء مؤسسة وطنية تعنى بحقوق الإنسان، وتعنى بارتفاع حالات العنف المنزلي وارتفاع نسبة جرائم الاغتصاب، وعدم وضع الآليات الكفيلة لوقف هذه الانتهاكات، كما نشعر بخيبة الأمل من ارتفاع الجرائم بدافع الكراهية ضد بعض الأقليات، ونأمل أن تجرم الحكومة هذه الأفعال".

هذا الكلام الناقد الجميل بعض مما طرحه قبل يومين السكرتير الأول بوفد المملكة لدى الأمم المتحدة بجنيف، أمام الجميع في الدورة التاسعة عشرة للفريق العامل المعنى بالاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان.

نقلت النص شبه كاملٍ لأقول: إن هذا الكلام كنا نسمع ممثلي بعض الدول الغربية والمنظمات الحقوقية توجهه لنا، والآن بتنا نبادر في توجيه النقد للآخرين، وفي ظني هذا عمل تكتيكي رائع؛ لأننا من جهة بذلنا في السنوات الماضية جهودا مضنية وكبيرة في جانب حقوق الإنسان، من حيث سن القوانين ومراقبة تنفيذها، فضلا عن الجهد المبذول من قبل هيئة حقوق الإنسان السعودية في نشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع السعودي، يضاف إليها جهد الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، مما يؤكد صدق التوجه وعزيمة العمل على تحقيق كل المبادئ التي تحفظ للإنسان كرامته وحقوقه، وفق ما جاء في تعاليم ديننا، قبل أن نطبقها استجابة لتلك المنظمات العالمية المعنية بحقوق الإنسان، التي يكاد يجمع الكل على أنها غير منصفة وغير عادلة فيما تقول وفيما تحكم وفيما تقرر، ولهذا كانت المبادرة السعودية عبر تسجيل موقف ضد ما يحدث في النرويج من انتهاكات لحقوق الإنسان رائعة، وينبغي أن يكون هذا تكتيكنا في المستقبل تجاه كل الدول التي عليها من الملاحظات ما على النرويج؛ حتى لا يكون موقفنا دائما هو موقف المدافع فقط، بينما الآخرون يرتكبون شتى المخالفات التي تتعارض مع مواثيق حقوق الإنسان، ويُغض النظر عنهم؛ لأننا وغيرنا مشغولون فقط في كيفية تفنيد ما يوجه لنا من تهم حيال حقوق الإنسان التي كثير منها في معتقدنا الأصح والأكثر إنسانية ليست بمخالفات وليست بانتهاكات، بل هي من صميم معتقدنا، خاصة ما يتعلق بتنفيذ الأحكام الشرعية، والبعض الآخر منها مرتبط بعادات وثقافة المجتمع الذي من حقه أن يقرر ما يريد في لبسه وطريقة عيشه.

الأكثر جمالا في سياستنا الخارجية تجاه محور حقوق الإنسان، أن مندوبنا لم يكتف بسرد ملاحظاتنا على النرويج، بل ختم حديثه بتوصيات جاءت على شكل مطالب ينبغي على النرويج العمل على تنفيذها، أكتب لكم نصها:

"السيد الرئيس..

يثمن وفد بلادي الجهود التي تبذلها النرويج من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان ونود أن نتقدم بالتوصيات التالية:

1- سرعة العمل على إنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان كجهة مستقلة جديدة معنية بحقوق الإنسان وفقا لمبادئ باريس، وسن قوانين لمكافحة التمييز ضد "الصيامين وأقلية الروما" والأجانب في الصحة والتعليم والعمل.

2- تشريع قوانين لتجريم ازدراء الأديان والأنبياء في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، وسن قوانين تحدد عقوبة الاغتصاب.

3- سن قوانين للمساواة بين الجنسين في الأجور، وللحد من العنف المنزلي.