في نهاية الحرب العالمية الثانية، اعتبرت الاتفاقيات الدولية التي تم تطويرها من خلال الأمم المتحدة أمل المستقبل، حيث إن جرائم الحرب، التعذيب، الإبادة، انتهاك حقوق الأطفال، العبودية، واحتلال الدول الأخرى يمكن القضاء عليها. الاتفاقيات تحول العلاقات الحضارية بين الدول إلى قانون دولي. في 2 مايو 2014، ستوقع فلسطين على إحدى هذه الاتفاقيات الهامة. الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قبل طلبات "دولة فلسطين" للانضمام إلى معاهدة جنيف حول العلاقات الدبلوماسية، معاهدة حقوق الطفل، معاهدة مكافحة التعذيب، ومعاهدة مكافحة الفساد، وهي أربعة من المعاهدات المعروفة.
الآن، مع نهاية الموعد النهائي للمحادثات الإسرائيلية – الفلسطينية في 29 أبريل هناك شك كبير – حتى تاريخ كتابة هذا المقال- حول ما إذا كانت المحادثات سوف تمدد، إسرائيل والولايات المتحدة تدينان بشكل هستيري الفلسطينيين لأنهم اتخذوا الخطوة المنطقية بالانضمام إلى 15 معاهدة وقعتها مئات الدول الأخرى، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة، لماذا؟
الجزء الواضح من الإجابة هو من الجانب الإسرائيلي: في كل مرة يتم قبول فلسطين فيها في مؤسسات الأمم المتحدة، تصبح أقرب إلى أن تكون دولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية – وهو موقع يعني أكثر من مجرد القدرة على محاكمة مواطنين إسرائيليين ودولة إسرائيل في مؤسسات مثل محكمة العدل الدولية أو محكمة الجنايات الدولية. في الأمم المتحدة، يتم الاعتراف بشكل متساو بين جميع الدول الأعضاء وفقا للقانون، وحكومة نتنياهو تعمل جاهدة لمنع ذلك. الاتفاقيات الجانبية، مثل اتفاقية أوسلو 1993 وخريطة الطريق 2003، يمكن استغلالها بشكل أسهل.
الحكومة الإسرائيلية تشتكي من أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خرق الاتفاق من خلال تقدمه بطلبات الانضمام إلى معاهدات الأمم المتحدة. أي اتفاق؟ الاتفاق الذي فرضته إدارة أوباما على الفلسطينيين بوعود كاذبة – ابتعدوا عن الأمم المتحدة وسنعطيكم شيئا ما، على سبيل المثال، تحرير سجناء موجودين في السجون الإسرائيلية منذ عقود طويلة. ولكن، وسط المفاوضات، ألغت إسرائيل تحرير السجناء.
إلى أين يجب أن تتوجه فلسطين إن لم تتوجه إلى الأمم المتحدة؟ سجل واشنطن في حماية الحقوق الفلسطينية الأساسية في المفاوضات سجل معيب. في عام 2010، أعلنت حكومة نتنياهو بناء 1600 مستعمرة جديدة في القدس المحتلة – خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن. نائب الرئيس "استنكر" بناء وحدات سكنية جديدة على أراض فلسطينية. وكذلك فعل مسؤولون آخرون في إدارة أوباما. كان ذلك استنكارا بلا معنى. عندما درس مجلس الأمن قرارا بإدانة المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واعتبارها غير قانونية في فبراير 2011، استخدمت واشنطن الفيتو. منذ ذلك الوقت، تم بناء آلاف المستوطنات اليهودية الجديدة على أراض فلسطينية. السياسيون اليمينيون الإسرائيليون أصبحوا أكثر عنفا في خطابهم وأصبح المستوطنون أكثر عنفا في ممارساتهم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. حسب الإحصائيات الأسبوعية التي جمعتها الأمم المتحدة حول العنف ضد الفلسطينيين، ارتفع عدد الهجمات التي يقوم بها المستوطنون خمسة أضعاف من الأسبوع الأول في إبريل إلى الأسبوع الثاني.
مجرد دراسة معاهدتين أمر يثير الاهتمام. معاهدة فيينا لعام 1961 حول العلاقات الدبلوماسية، تمكن الدبلوماسيون من أداء وظائفهم بالعلاقات بين الدول دون الخوف من المضايقات من البلد المضيف؛ وهي قاعدة أساسية للحصانة الدبلوماسية. معاهدة حقوق الطفل تنص على أن الأطفال يجب أن لا يتعرضوا لأي تعذيب أو معاملة أو عقوبة قاسية. ويجب عدم اعتقال الطفل مطلقا أو وضعه في السجن إلا كخيار أخير ولأقصر فترة ممكنة. يجب عدم وضع الأطفال في السجن مع الراشدين ويجب أن يكونوا قادرين على التواصل مع عائلاتهم. وتعريف الطفل هو أنه أي شخص تحت سن الثامنة عشرة –وهو حق تقوم إسرائيل بانتهاكه بشكل منتظم ضد الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية.
الرئيس محمود عباس ليس فقط على حق بأن يتخذ الخطوات للحصول على مشاركات أكثر لـ"دولة فلسطين" في الأمم المتحدة؛ لكنه يتخذ الخطوة التي تدعمها عواصم الدول العربية القوية وعلى المستوى الرسمي العالي في الولايات المتحدة. بحسب مصدر مطلع في واشنطن، زيادة مشاركة فلسطين في الأمم المتحدة تضع ضغوطا ضرورية على أوباما وجون كيري للوقوف في وجه إسرائيل وإجبار نتنياهو لدخول المفاوضات بشكل أكثر جدية.
داخل إسرائيل، هناك إدانة متزايدة لنتنياهو وحليفه في الجناح اليميني، نفتالي بينيت، المعروف بتأييده المطلق للمستوطنين المتطرفين وبناء مستوطنات جديدة. في مقابلة مع موقع (المونيتور) في 21 إبريل، قالت رئيسة حزب ميريتس زاهافا جالون إن المفاوضات مع نتنياهو مثل "الضغط على دواسة الوقود في السيارة عندما يكون المحرك دون تعشيق". وعبرت زاهافا جالون عما يقوله كثير من الإسرائيليين حين قالت "ماذا وراء مطالبة الفلسطينيين بأن يعترفوا بإسرائيل كدولة يهودية؟ كان الهدف استخدام ذلك كوسيلة للمماطلة. لا معنى لذلك على الإطلاق، نحن لا نحتاج إليه، إنه يجعلنا نشعر حتى بالإحراج".
سياسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ذات المسارين يمكن أن تنجح، فلسطين ليست وحيدة.