كلما كبرت القضية أو التهمة، بالتأكيد لا بد أن تكون العقوبة أقسى، وبالتالي لا بد من التثبت بالبراهين والأدلة، فتزيد المدة قبل اتخاذ القرار مقارنة بقضايا واضحة بالقول أو الفعل.
ولنا في قرارات محكمة (الكأس) الدولية عبرة وعظة، حيث تبقى بعض القضايا سنوات قبل أن يتم البت فيها بقرار نهائي، والأمثلة كثيرة، وآخرها تأجيل قضية نادي الاتحاد والشربيني بعد أن بتت فيها لجنة الانضباط بالاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
وفي بيئتنا ما زال التعامل مع القضايا ضبابيا ويؤدي إلى كثير من اللغط، وهذا طبيعي في ظل ضعف الوعي بشكل عام وطغيان (أوهام) المؤامرات والميول بحق المتخاصمين أو من تسند إليهم مسؤولية اتخاذ العقوبات، ولن ألوم أحدا بقدر ما أحاول من خلال متابعتي تفنيد ما قد يسهم في التعامل باحترافية وما تحتمه اللوائح في مختلف القضايا.
كثيرون يقارنون بين قضية وأخرى بالبت سريعا في واحدة والتأخر في أخرى، وآخر الأمثلة معاقبة خالد البلطان رئيس نادي الشباب، بسبب تصريحه ضد أحمد عيد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، وعدم إعطاء أي إشارة تجاه تصريح عبدالعزيز الدوسري رئيس نادي الاتفاق الذي (اتهم) أندية منافسة بالتلاعب في النتائج، مما أدى إلى هبوط فريقه لدوري ركاء..!
والأكيد أن لجنة الانضباط تتكبد ما شاب بعض قراراتها في بداية عملها هذا الموسم، وفي المقابل، عدم إلمام الغالبية باللوائح وتمادي كثيرين في اللعب على العواطف، من دواعي تأجيج الوسط الرياضي.
وفي قضية البلطان كان تصريحه (صوتا وصورة) عبر القناة الرياضية، وبالتالي من السهل على لجنة الانضباط أن تتخذ العقوبة الملائمة حسب بنود اللائحة، حتى إنها (نصصت) كلامه (حرفيا)، مثلما تعمل في سائر القضايا، وخصوصا أنه وحسب تفسير اللجنة، يعد (إساءة) من شخص لآخر، وسبقه في هذا الأمر نزيه النصر نائب رئيس نادي الخليج، بالعقوبة ذاتها وبنفس التعليل.
أما حديث عبدالعزيز الدوسري فكان في موقع (العربية نت)، وبالتالي لا بد من التأكد من صحة التصريح، ولا أقول هذا تشكيكا في الوسيلة الإعلامية، بقدر ما أن الإدانة لا بد أن تكون موثقة، وثانيا وهو الأهم، لا بد من التحقيق مع من أطلق التهمة، وقد يطول التحقيق المتهمين، ولذا فالقضية هنا متشعبة وتحتاج إلى إدانة أو نفي (التهمة الخطيرة جدا)، ولن تتخذ اللجنة قرارها إلا بعد استيفاء المعلومات والثبوتات التي تجيز لها هذه الخطوة، بقرار عادل، يحميها أمام لجنة الاستئناف إذا كانت العقوبة تتيح هذا العمل.
وللتدليل سأورد جزءا من تصريح عبدالعزيز الدوسري في (العربية نت): "اتهم عبدالعزيز الدوسري، رئيس نادي الاتفاق السعودي الهابط إلى دوري الدرجة الأولى، نظراءه في الشباب والاتحاد بالتآمر لإسقاط فريقه إلى الدرجة الدنيا، وذلك بعد دخول الناديين بالصف الثاني أمام العروبة ونجران المنافسين المباشرين للاتفاق على الهروب من الهبوط قبل نهاية المرحلة الـ26 للدوري السعودي لكرة القدم".
وفي هذا المقام، أبين أنني لا أعطي حكما ولا يجوز لي ذلك، ولكنني أشير إلى بعض الإجراءات التي قد تساعد في فهم ما يحدث بشكل عام، وخصوصا من يتآمرون أو تلعب بهم الميول، مع التنويه بأن بعض القضايا لا بد من شكوى المتضرر أو من له مصلحة، وقضايا أخرى تتابعها لجنة الانضباط، وفي شأن ثالث، تأتيها تقارير حكام أو مراقبين بما يحتم اتخاذ قرارات من صلب اللائحة، مع الإشارة إلى أن اللجنة تجتمع أسبوعيا أو حسب الضرورة.