صادف السادس والعشرون من شهر جمادى الثانية لهذا العام الذكرى التاسعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين، وتعد ذكرى البيعة هذه مناسبة وطنية نفتخر بها جميعا، وحقيقة الأمر أنه عندما نحاول استعراض بعضا من الإنجازات التنموية التي تمت في السنوات التي تلت تولي خادم الحرمين الشريفين للحكم في المملكة العربية السعودية لن نتمكن من تغطيتها بالشكل الذي يفيها حقها، وتحتاج إلى مساحة أكبر، ومن يبحث في هذه الإنجازات على المستوى الوطني قد يجد صعوبة في الاختيار من حيث كثرتها، وتنوعها، وتعدد المنجزات الوطنية الحيوية، وقد شملت هذه المنجزات جميع الجوانب الحيوية التي يحتاجها الوطن، فالمتتبع لما تم إنجازه في المجال التعليمي يجد أن هناك خطوات تطويرية شاملة تمت على مستوى التعليم العام، أو التعليم الجامعي، فقد خصص ما يقارب ربع ميزانية الدولة في هذا العام لمجال التعليم بمختلف مستوياته، ومراحله؛ فزادت نسبة المباني المدرسية المستأجرة التي تم التخلص منها، وتم تدشين العديد من المباني الحكومية التي يتوقع أن تكون جزءا رئيسا من البيئة التعليمية المنشودة، كما تم تعيين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزيرا للتربية والتعليم وهذا يعد إنجازا عظيما في مجال التعليم الذي بدأ بقوة حيال تطوير التعليم العام بشكل شمولي، وواصلت قافلة التوسع في التعليم الجامعي مسيرتها، وآخر تلك الإنجازات ما تمت الموافقة عليه في الأيام القليلة الماضية من إنشاء جامعة جدة، وجامعة حفر الباطن، وجامعة بيشة، بحيث أصبح عدد الجامعات 28 جامعة حكومية، بعد أن كانت 8 جامعات فقط، وبذلك شمل التعليم العالي جميع مناطق المملكة ومعظم محافظاتها، كما أن دعم حكومة خادم الحرمين الشريفين وفقه الله، لبرامج جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية يشكل دعما حقيقيا للعلم، والتعليم، والعلماء، وتمثل عملية استمرار برنامج الابتعاث الخارجي لفترة أخرى في التخصصات النوعية التي يحتاجها البلد واستقطاب نوعية متميزة من أفراد المجتمع للابتعاث من أهم الإنجازات في مجال التعليم في هذه المرحلة، وتتوالى الإنجازات، ففي المجال الصحي هناك توسع في عدد المستشفيات، والمراكز الصحية، والمدن الطبية في مختلف مناطق، ومحافظات المملكة وتقدم خدمات نوعية في المجال الصحي للمواطنين، والمقيمين، وفي مجال الإسكان تم التوجيه لبناء عدد كبير من الوحدات السكنية للمواطنين، وآخر هذه الإنجازات في مجال السكن هو التوجه لتأمين أرض، وقرض للمواطنين الذين هم بحاجة لسكن. وفي السنوات التسع الماضية تم ربط العديد من مناطق، ومدن، ومحافظات، ومراكز، وهجر المملكة بالعديد من الطرق، وهناك مراحل أخرى من مشروعات الطرق في طريقها للتنفيذ حسب جدول زمني محدد. أما الجانب الإعلامي فقد شهد تطويرا شمل الجوانب التلفزيونية، والإذاعية، من خلال إنشاء عدد من القنوات التلفزيونية، وتطوير محطات الإذاعة، وبرامجها المختلفة.
وقد شهد الحرم المكي، والحرم النبوي مشروعات تطويرية كبيرة شملت توسعة عدة جوانب في الحرم لكي يكون جاهزا لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج، والمعتمرين، والزوار من الداخل، ومن الخارج، وهذه المشروعات التطويرية تحقق الراحة لمرتادي الحرمين، والطمأنينة، وقد أوشكت المرحلة الأولى من توسعة المطاف على الانتهاء، والعمل في المرحلة الثانية يسير على قدم وساق، على مدار الساعة. كما تم التوجيه بإنشاء عدد من المدن الصناعية في عدد من مناطق المملكة، وبالفعل تم البدء في تنفيذ عدد منها، وهذه المدن سيكون لها مردود اقتصادي على هذه المناطق بشكل خاص وعلى المملكة بشكل عام، وستوفر فرصا وظيفية عديدة للمواطنين الباحثين عن عمل. وشهد عهد خادم الحرمين الشريفين نقلة نوعية في مجال الرعاية، والخدمات الاجتماعية فقد تمت زيادة المخصصات لمستحقي الضمان الاجتماعي، والمحتاجين، ولم يكن التطوير مقصورا على الجانب الخدماتي، بل شمل جوانب تطويرية أخرى مثل تطوير إيجابي للعديد من الأنظمة، واللوائح، والهيكلة الأساسية للدولة في مختلف القطاعات، ومن أهم هذه الإنجازات ما تم حيال تضمين نخبة من النساء السعوديات في عضوية مجلس الشورى في دورته الحالية. أيضا من الإنجازات التي شاهدناها في الأعوام الماضية ما تم من لقاءات حوارية بين مختلف أفراد المجتمع في مجالات حيوية، وتم عقد هذه اللقاءات في مختلف مناطق المملكة لكي يتم نشر ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع، ومناقشة الوضع القائم، وتقييمه، وتحديد التوجهات المستقبلية، والتطلعات. ونظرا لاهتمام ملك الإنسانية براحة المواطنين، وبتحسين المستويات المعيشية لديهم فقد تم دعم العديد من السلع الاستهلاكية، والمواد الغذائية، وأمر بإضافة نسبة محددة في رواتب الموظفين المدنيين، والعسكريين، والمتقاعدين كمساعدة لهم للتغلب على ارتفاع الأسعار، وهو ما يسمى ببدل غلاء المعيشة، والإنجازات على المستوى الداخلي كثيرة، ونلمسها في حياتنا اليومية.
أما الإنجازات التي تمت في عهد خادم الحرمين الشريفين على المستوى العالمي فنجد أنها متعددة، ويمكن أن نعرض بعضا منها، مثل اهتمامه بالقضية الفلسطينية، ودعمه المستمر لها، وللفلسطينيين، واهتمامه حفظه الله، بالقضايا العربية والإسلامية، والدولية، ومن ذلك موقفه من الأحداث في سورية، ووقفته المشرفة هو وشعبه مع الشعب السوري، كما يتجسد اهتمامه بالمسلمين وغيرهم عندما وجه بفصل التوائم في مستشفى الحرس الوطني بدون تكاليف على أقارب المستفيدين، ولهذا التوجه، والإنجاز أثر طويل المدى، وإيجابي لدى قيادات، ومواطني دول العالم، كما أن حوار الأديان، والانفتاح على الحضارات، والثقافات الأخرى، وما قدمته حكومة خادم الشريفين للدول المتضررة من الأمطار، أو من الزلازل من دعم مادي ومعنوي، يضاف للسجل المشرف للإنجازات التي تمت في عهد خادم الحرمين الشريفين، وقد كان لذلك أثر كبير في إظهار سماحة، وعدالة الدين الإسلامي، وصلاحيته لكل زمان، ومكان.
وإنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - متعه الله بالصحة والعافية - على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو العالمي نجدها متنوعة، وعديدة، وحقيقية، وهذا بدوره حقق للمملكة العربية السعودية دورا رياديا في مصاف الدول المتقدمة، بل تمكنت من منافستها في كثير من المجالات، وبدأ العالم ينظر للمملكة في كثير من الجوانب كمرجعية، وكبيت خبرة لما تحقق لها من إنجازات ولله الحمد. ولقد بدأ المجتمع الدولي يتحدث عن الإنجازات، والإيجابيات بشكل واضح، بدلا من عرض السلبيات، أو الانطباعات غير الواقعية التي تروج لها بعض وسائل الإعلام المغرضة. وتعد ذكرى يوم البيعة من الأيام الخاصة للمملكة، والتي يجب أن نقف عندها وقفة تقدير، واعتزاز بها، ولنا أن نفخر كسعوديين بما تحقق لهذا الوطن من إنجازات منذ عهد الملك المؤسس، ومن جاء من بعده من أبنائه حتى عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وفقه الله، ونسأل الله العلي القدير أن يديم على وطننا نعمة الأمن والأمان بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد، وأن يعيننا على رد الجميل لهذا الوطن المعطاء الذي قدم لنا الكثير، والكثير، وعلينا أن نرد الجميل.