منذ أن بدأ القطاع الخاص بالمطالبة بإنشاء شركات استقدام مساهمة للقيام بمهمة استقدام العمالة لحساب المواطنين والشركات والمؤسسات أو بغرض تقديم خدمات عمالية لحساب المواطنين والقطاع الخاص، وأنا أشعر بالقلق والخوف على تضرر مصالح المواطنين بارتفاع أسعار الخدمات العمالية المقدمة لهم من شركات الاستقدام حتى صدر قرار الدولة بالموافقة على إنشاء هذه الشركات اقتناعا من الدولة أن هذه الشركات ستقوم برفع العبء عن كاهل المواطنين في استقدام العمالة أو تغطية العجز لدى مؤسسات القطاع الخاص وتسهيل إجراءات الحصول على عمالة أو خدمة العمالة.
وتحمس بعض قيادات الغرف وتسارع بعض أعضاء مجالس إدارتها على الاشتراك فيها كفرصة استثمارية وبعد أن بدأت بعض الشركات عملها على أرض الواقع تأكد لي قلقي، وكان في مكانه رغم أن الهدف من إنشاء هذه الشركات هو تقديم الخدمة للمحتاجين للعمالة في القطاع الخاص والعمالة المنزلية. ولو أحسن القائمون على هذه الشركات المعنية بالاستقدام وقدموا خدمة تراعي مصلحة الطرفين مقابل عائد عادل لما كانت هناك قضية اليوم. والحقيقة أن الدولة كانت حريصة كل الحرص على تلبية احتياجات القطاع الخاص، وكان صوت رجال الأعمال مؤثراً وفاعلاً وداعماً لصنع القرار أحياناً لأنهم قريبون من صناع القرار من خلال مؤسساتهم المدنية وأقصد الغرف التجارية الصناعية وعلى رأسها مجلس الغرف السعودية. وتجاوباً مع ضغط القطاع الخاص صدرت لائحة شركات الاستقدام وتنظيم استقدام العمالة وهي منشورة في موقع وزارة العمل.
وقد قرأت اللائحة وجميع بنودها فلم أجد بها نصا صريحا على خدمة (تأجير العمالة المستقدمة) وفي مقدمة اللائحة ظهرت التعريفات لبنود اللائحة، واستوقفني تعريف (التوسط في الاستقدام) والمعنى (خدمة استقدام العمالة الوافدة من الذكور والإناث لمصلحة أصحاب العمل في المملكة)، وكلمة (تقديم الخدمات العمالية للغير) بمعنى (استقدام العمالة الوافدة من الذكور والإناث من قبل المرخص له بذلك وتقديم خدماتها للغير من أصحاب العمل لأداء محدد خلال مدة محددة ومقابل أجر)، ولا يشمل ذلك أي علاقة عقدية يكون محلها إنجاز أعمال للغير تتطلب عمالا تابعين للمرخص له لتنفيذها في مقر المتعاقد معه). وبمعنى غير مكتوب ولم يرد واضع اللائحة التصريح به وهو (إيجار العمالة للقيام بمهام محددة)، ورغم أنني لست في مجال إثبات شرعية أو عدم شرعية تأجير العمال وهو ليس اختصاصي. وإن ما أرغب تسجيله اليوم هو أن بعض شركات الاستقدام الجديدة التي ركزت في عملها على (تقديم الخدمات العمالية للغير) (التأجير غير المعلن) هذه الشركات بدأت تلحق ضرراً على اقتصاد العمل والاقتصاد المنزلي. حيث إن التوجه لتوجيه الاستقدام من خلال الشركات في تعاون شبه إجباري نظراً لصعوبة الاستقدام المباشر ومتطلباته الصعبة، بدأت هذه الشركات تأجير الخدمة بضعف القيمة عما كانت عليه سابقاً في التعاقد المباشر بدون وسيط . فعلى سبيل المثال العامل غير المهني أو متعلم كانت قيمة أجره الشهري 1200 ريال أصبح اليوم مستوى العامل نفسه يتم التعاقد مع شركات الاستقدام على الاستفادة من خدماته بمبلغ (3000) ريال وأحيانا 4000 ريال تدفع الشركات للعامل (1200) ريال ولحسابها 1800 ريال أو 2800 ريال، وتبرر الشركة الزيادة في التكاليف للخدمات التي تقدمها؟ وفي وجهة نظري أنه مبالغة وإجحاف في حق المواطنين ذوي الدخل المحدود وفي حق أصحاب المؤسسات الصغيرة، حيث ستسهم الزيادة في رفع تكاليفهم التشغيلية وذلك بدون مبرر في ظل تعقيد إجراءات الاستقدام المباشر لهم، مع منعهم من رفع أسعار خدماتهم أو سلعهم لمقابلة الزيادة.
وأخيراً لو استمرت معاناة شركات المقاولات والخدمات من رفع أسعار العمالة سيؤدي الأمر إلى خروجهم من سوق العمل. أما المواطن فستتضاعف أجور العاملة أو السائق أو العامل المنزلي وسيؤثر على ميزانيته الشهرية وأتساءل لحساب من؟ هل هذا لحساب ملاك شركات الاستقدام؟ وهم قلة؟
نعم أنشئت شركات الاستقدام لخدمة المجتمع وبعائد مالي على مؤسسيها.
وكما قلت صوت وقوة بعض رجال الأعمال فرض الأمر الواقع ولم تراع المصلحة العامة، حتى اللائحة لم تنصف المواطنين والمؤسسات الصغيرة، حيث نصت الفقرة (ج) من الباب الخامس في اللائحة وهي نصف سطر (أتعاب المرخص له مقابل تقديم خدمات العمالة) ولم تحدد اللائحة نسبة شركات الاستقدام في قيمة تأجير الخدمة (تقديم الخدمة)، وهذا ما يدفعني للمطالبة بحماية حقوق المواطنين المستخدمين للعمالة المنزلية وحماية المؤسسات الصغيرة من ارتفاع التكاليف عليهم ولست ضد تحمل بعض التكاليف ولتكن نسبة 20% ولكن ليست 100% أو 300% ولا سيما أنها شركة خدمات وتحظى بدعم كبير من الدولة ومساندة دولية تفتح لهم الأبواب للاستقدام من الدول بحماية اتفاقيات دولية بين المؤسسات والدول المصدرة للعمالة.
وليعذرني اليوم زملائي رجال الأعمال المستثمرون في شركات الاستقدام وأطالبهم بتقديم المصلحة العامة على مصالحهم الخاصة ولا مانع من الربح ولكن الربح العادل. متمنياً عليهم أن يفتحوا المجال للعمالة السعودية للعمل في هذه الشركات، ومتطلعاً أن تراقب وزارة العمل الأسعار والرسوم المفروضة من هذه الشركات على المتعاملين معها. ولتكن هناك إدارة مراقبة ومتابعة في الوزارة لنشاط هذه الشركات وعلى وجه الخصوص تسعيرة الخدمات.