أنتمي لجيل تشكل وجدانه الغض، وتفكيره اليافع وضميره الوطني عبر الإعلام الوطني السعودي، التلفزة والإذاعة، توفي والدي - رحمه الله - مع بالغ الوفاء للإذاعة ببرامجها الإخبارية والدينية، والدتي لا تسمح لنا بالتحدث أثناء نقل الصلوات الخمس من الحرمين الشريفين، وتلاوة أخبار قادة ورجال الدولة ومستجدات الوطن وأي أخبار عن رجال الأمن خط أحمر لا تقبل المساس بوقتها، مواعيد نشرات وموجز الأخبار مقدسات رمزية كبرت وجدتي - رحمها الله - ووالدتي تقريبا لا تصمتان وتصغيان بمصداقية وتركيز لسواهما، ولا بد من فقرة لتحليل الأخبار على طريقتهما المحببة، تخصصي كان متابعة البرامج الاجتماعية.
التلفزيون، بداية من السلام الوطني من الافتتاحية وحتى ختام مواعيد البث اليومية، لا أفوت البرامج أو نشرات الأخبار، عبر هذا التاريخ أمامي أثناء متابعة احتفالية هيئة الإذاعة والتلفزيون "بخمسينية التلفزة" والإذاعة الوطنية.. وبدء بث إذاعة الرياض وجدة، كم منحنا هذا الإعلام الوطني، وكم منحناه من أعمارنا وأسماعنا وخلجات أفئدتنا.
بين بداية إرسال إذاعة الرياض عام 1384، وبث تلفزيون السعودية للمرة الأولى من مدينتي الرياض وجدة عام 1385، وإصدار مرسوم بإنشاء الثلاث هيئات الإعلامية "هيئة الإذاعة والتلفزيون، وهيئة وكالة الأنباء السعودية، وهيئة الإعلام المرئي والمسموع"، خمسة عقود قدمت قصة نص بصري "لجانب" من معجزة الصحراء التي توحدت من العدم، قبلة المسلمين، ودولة الثقل الاقتصادي، قائدة الكتلة العربية الوحيدة المتماسكة عربيا في محيطنا الإقليمي المتلاطم، ومع بالغ تقديري لكلمة رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون وإشارته إلى أن الشريك في كل نجاح تحقق من خلال المذياع والشاشة هو المتلقي والمستمع والمشاهد، وأن هناك سعيا "لتحقيق كل ما يتطلع إليه المتلقي من برامج إذاعية وتلفزيونية تحقق رغباته.. الخ".
السؤال: أين منصة الرد الوطني عبر إعلامنا الرسمي، كتبت عن الرتابة تجاه المد العدواني العاتي المستهدف للوطن وبالذات هذا العام، مع نقد الغياب عن المشاركة في صد الهجمة التي اشتدت شراستها على الوطن، على أمل الإخلال بأمنه واستقراره ولطالما نادينا بأن تكون الرسالة الإعلامية والمبادرات جزءا من مشهد المدافعة بتقديم برامج غنية بالمعالجة والمعلومات الوطنية المكثفة، إلا أن اختيار الروتين والتقليدية وعدم استدعاء الرسائل المقننة والمرشدة وتكثيف تقديمها يعد موقفا مخيبا للآمال، ترك فجوة وفراغا لا مبرر له.
بدون إعلام وطني يواكب ويصد ويرد على هراء الإعلام المغرض والافتراضي وغيره، ويقدم الشباب الوطنيين وما أحوجنا لهم كقدوة، يصنف إعلامنا الوطني على أنه مترفع وغائب عن الحدث الأهم، لن تخفت جذوة الأمل في إعلام يقود ويكون في الطليعة، ويقدم بلادنا بما يليق بمكانتها وإنجازاتها ونبل قادتها ويقظة مواطنيها.. متفائلة بالقادم.