حيزٌ كبير من النقاش والنقد، نالته "مسلسلات حليمة"، البرنامج الذي يعرض فجر كل يوم رمضاني، على شاشة MBC، وتقدمه المذيعة الكويتية حليمة بولند، والتي تطلُّ على المشاهدين بحلية، وطريقة أداء، اعتبرها البعض "لا تتناسب وحرمة الشهر الكريم"، فيما ذهب آخرون إلى وصف برنامجها بـ"السماجة"!.
بعيدا عن النقاش الأخلاقي المُثار، إلا أن هنالك أكثر من مسألة بقيت مسكوتا عنها، ولم يتم التركيز عليها، وهي مسائل مهمة، تتعلق بالتالي:
1- محتوى البرنامج، أي المادة التي يقدمها، ومدى تناسبها مع طبيعته كبرنامج "مسابقات"، وإذا ما كان هذا المحتوى جديرا بالمتابعة، أم أنه ضمن دائرة "العادي". بتدقيق بسيط، يقف المشاهد على محتوى "ضعيف" نسبيا، حتى ضمن قالبه الترفيهي، والسبب يعود لطبيعة الإعداد، وللتصور المسبق لفريق العمل، الذين قد يظنون أن هكذا محتوى "خفيف"، من شأنه أن يكون أكثر جاذبية، إلا أنها مسألة فيها نظر. فليس المطلوب بالتأكيد أن يكون البرنامج ثقيلا، أو ثقافيا، إلا أن المحتوى الذي يجنح لـ"التبسيط"، قد يقع في فخ "تسطيح" المشاهد.
2- الرؤية البصرية والإخراجية للبرنامج، وهي رؤية مهمة جدا، كونها عامل جذب للمشاهدين، وهي تتكامل مع المحتوى، إذ إنّ الإعلام الحديث، يرتكز على "الصورة" بدرجة رئيسة، وهي تتكامل: ألوانا، إضاءة، ومساحة. وجميعها عوامل حضرت بشكل جيد في "مسلسلات حليمة"، إلا أنّ السؤال يأتي: لو أننا استبدلنا بولند بمقدم آخر، أو بمذيعة سواها، هل سيكون ذات الإبهار للصورة، وذات الإنشداد؟ أمرٌ أشك فيه، خصوصا أن حليمة باتت الركن الأهم في "المشهد"، وهو سيفٌ ذو حدين.
3- الناقدون للبرنامج أخلاقيا، وخصوصا من أخذتهم الحماسة لوقف عرضه، لهم كامل الحق في نقدهم، وليس لأحد أن يحجر عليهم آراءهم، إلا أن هنالك شريحة منهم، تقع ضمن دائرة "الازدواجية"، فتراها تنتقد حليمة، وترميها بوابل من الحجارة، فيما هي تتابع البرنامج، وتمتع ناظريها بزينة بولند، وملابسها، متمنية لو حظيت بحديث منها، أو احتست قدحا من الشاي معها! وهي بذلك تمارس الازدواجية في خطابها "الأخلاقي"، وإلا ما معنى أن من يهجو بولند، يأنسُ بها في ذات الوقت!.
4- إنّ الفضاء أصبح مفتوحا، ولا يمكن السيطرة عليه، ومن كان لديه قلق على أبنائه، فتحصينهم يأتي عبر التربية، والوعي، والانفتاح الإيجابي، لا تحميل الآخرين المسؤولية، وكأن هذه الشاشة الصغيرة إذا انطفأت، فإن الشرور ستختفي من العالم.