"صرح مصدر مسؤول" عبارة تسير على قدر من الثقة بشكل لا يثير حساسية القارئ، ويمكن أن تسبق الخبر دون تحمل أية مسؤولية، وتجعل ما يأتي بعدها بلا قيمة واقعية أحيانا، ورغم ذلك فهي تجد نجاحا كبيرا في النشر والتداول مع توفر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي الأكثر انتشارا كشائعات تصل إلى حد التندر، فالناس يتناولونها بطريقة النكتة التي تخرجها من سياج المعاني القسرية، لأنها تنطلق من سجن ضيق إلى فراغ عامة الناس الواسع.

قد يحدث التناقض بين مسؤول وآخر وربما من مسؤول مع نفسه، وربما يفضل المسؤول أن يبقى "مصدرا مجهولا"، وهذا يأتي من شدة الاحتراز والإقفال على المعلومة، ويفسر أيضا شدة الارتباك في إدارة الملفات المتعلقة بالقضايا الأكثر حساسية والتي تمس مصالح العامة، وبالمقابل ليس بالضرورة أن يكون التصريح كاذبا، ولكنه لا يستحق القدر المعطى من الثقة بين الناس، ففي الآونة الأخيرة كثرت التصريحات المتناقضة والمتضاربة إن صح التعبير، حيث يأتي "مصدر مسؤول" بأمر، ثم ينفي ذلك مصدر مسؤول آخر من الجهة نفسها في اليوم التالي، ويحتمل هذا عدة أمور، إما أنها إشاعات متعمدة ومفتعلة ومبالغ فيها لقياس ردود الأفعال في المجتمع أو للوصول لهدف معين، أو لخلق حالة من التوتر بين الأفراد، وإما أنها قد تعبر عن صراع وتخبط إداري ناتج عن اختلاف في وجهات النظر وفي القيم والاتجاهات والأهداف لدى المسؤولين، ويترتب على هذا ضعف في الأداء الإداري وإرباك للقرار إن وجد، وهذه إحدى مظاهر البيئة التنظيمية التي تأخذ في أحد أوجهها غياب المصلحة العامة لأجل المصالح الذاتية.

من السيئ جدا أن تخرج تصريحات لغرض يخدم فاعلها بشكل خاص، وهذه الظاهرة تغذي الشائعات ومن ثم تفقد الجهات المعنية مصداقيتها، فضلا على أن تكرار الأحداث وتزايدها كظواهر يوجب دراستها ومعرفة أسبابها كمؤشر يتطلب النظر في أسلوب العمل الإداري الحقيقي بداخل هذه الجهات، وتبقى مهمة المسؤول الناجح بوضع الضوابط التي تحدد معايير النجاح في مسار العمل أفضل من ظهوره كالخائف على ضياع "الكرسي".