سحبت قرعة الدور الرابع والأخير في تصفيات قارة آسيا المؤهلة لنهائيات كأس العالم. وقد تأهل لهذا الدور الحاسم عشرة منتخبات قسمت بموجب القرعة على مجموعتين بواقع خمسة منتخبات في كل مجموعة. ووفقا للتصنيف المذهبي والطائفي ضمت المجموعة الأولى كلا من: قطر السنية، كوريا الكونفوشيوسية، إيران الشيعية، أوزبكستان الصوفية، لبنان الكوكتيلية.
أما المجموعة الثانية فجمعت بين: الأردن السنية، العراق الشيعية، عُمان الإباضية، أستراليا الكاثوليكية، اليابان الكونفوشيوسية.
الجدير بالذكر أن توزيع المنتخبات جاء هذا الموسم وفقا للمذهب، حتى يحجز كل مذهب مقعده في كأس العالم، وستتنوع في المواسم القادمة الانتماءات الأخرى ما بين اللون والعرق واللغة... إلخ. (رسالة واتسابية ساخرة جاءتني على جهازي الآيفون)، هذه الرسالة وإن كانت ساخرة إلا أنها تجسد الوضع الذي نعيشه والذي لا يخلو من نعرات عنصرية فاقت الحد الطبيعي في الثلاثة مواسم الرياضية الأخيرة، فقد شهدت المدرجات وبعض البرامج الرياضية إطلاق هتافات ومفردات استفزازية تحمل شكلا عنصريا ضد أندية ولاعبين ومدربين، والتي أخذت حيزا كبيرا من الجدل على الساحة الرياضية وقد بلغت ذروتها في هذا الموسم، ففي هذا الأسبوع ترك تصريح أحد رؤساء الأندية المحلية دويا تردد صداه في مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في وصفه لرئيس اتحاد القدم ببعض العبارات، والتي يجنح كثيرون اعتبارها تصريحا يحمل إيحاءات عنصرية.
كرة القدم ينظر لها الكثيرون في العالم على أنها تحقق للبشرية حلمها الإنساني في تحقيق العدالة على الأرض، حيث يجلس الألوف من البشر في مدرجات ملعب مكشوف، ويتابع الملايين على شاشات التلفزة لعبة محكومة بمنظومة علنية من القواعد والقوانين متفق عليها بين الجميع، ويخضع لها الجميع بالدرجة نفسها، وتطبق فيها القوانين بكل صرامة من قبل حكم الساحة، ويكون فيه الفوز للأصلح فقط، فهنا لا تنفع محسوبية ولا تجدي واسطة.
كرة القدم ينظر لها الآن بأنها الأيقونة الساحرة التي تذوب كل الفوارق العنصرية، في داخل المستطيل الأخضر وخارجه ويكون الجميع سواسية أمام العدالة الكروية، بصرف النظر عن الدين أو المذهب أو العرق أو اللون أو اللغة، فتتحقق الإنسانية الممثلة فيما يقدمه اللاعب كإنسان وكموهبة، يقف في الساحة الخضراء إنسانا حرا كاملا متساويا مع كل إنسان آخر، مع كل لاعب وكل متفرج في طقس كروي مثير..
أشكال التمييز العنصري كثيرة ومتنوعة، ولكن خطورة التمييز أنه يدبّ داخل البشر كدبيب النمل، ويقتات على الكراهية، فنجد العربي يكره الفارسي، والفارسي يكره السني، والسني يكره الشيعي، والشيعي يكره الحضري، والحضري يكره البدوي. ثم تتنوع هذه الخلطة العنصرية، فالنصراوي يكره الهلالي، والهلالي يكره الاتحادي، والاتحادي يكره الأهلاوي، والأهلاوي يكره البرشلوني، والبرشلوني يكره الريالي و.. ويأمل ويتمنى كل واحد منهم أن يضرب تسونامي كل الملاعب إلا فريقه الحبيب! وعليه وحتى لا تتعقد الأمور في المستقبل، يجب اتخاذ التدابير اللازمة كافة بسرعة إنشاء مجلس وطني أو هيئة أو أي جهاز خاص بمكافحة التمييز العنصري، الذي يعمل على مكافحة مظاهر التمييز العنصري كافة، الذي يقوم على أساس العرق واللون والنسب والدين والأصل.
أخيرا أقول: التمييز ضد الآخر هو تمييز ضد الذات؛ فالعنصري، قبل أن ينطلق ليقضي على من ينظر إليهم بدونية من البشر، يكون في حقيقة الأمر وضع قنبلة ذاتية في داخله، وهي حتما ستنفجر فيه يوما ما.