أصدرت غرفة الشرقية ممثلة بمركز المعلومات والدراسات قراءة تحليلية للميزانية العامة للمملكة للعام المالي الجديد 1435/ 1436 أوضحت أن مؤشرات الإنفاق جاءت تأكيدا للاستمرار بالتوجيهات السامية بتسريع خطى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وترسيخ مستوى معيشة المواطنين، والارتقاء بنوعية حياتهم، واستمرار العناية بالفئات المحتاجة من أفراد المجتمع.
وأوضحت القراءة بأن مجموعة من الأهداف والمرتكزات الرئيسية اعتمدت في إعداد الميزانية بناء على توجيهات القيادة الرشيدة أهمها: استمرار التركيز على تنمية وتطوير العنصر البشري، وإعطاء الأولوية للخدمات التي تمس المواطن السعودي بشكل مباشر، وتوسيع وتطوير مشاريع البنية التحتية للاقتصاد السعودي، وتنويع مصادر الدخل، وبناء الاحتياطيات، والاستمرار في تخفيض الدين العام، كما تم إعداد الميزانية بمراعاة استثمار الموارد المالية المتاحة بشكل أمثل يحقق متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة للمملكة.
مشروعات
وأشارت القراءة إلى أن ميزانية العام المالي الجديد (واستكمالاً لميزانيات المملكة السابقة) تتبنى مشروعات جديدة ومتنوعة، إيذانا بدخول مرحلة جديدة من زيادة الإنفاق على ملفات عديدة، كاستكمال مشروعات الطاقة والبنية التحتية، واستمرار الدعم المالي لصندوق التنمية العقاري لحل مشكلة الإسكان، وتنفيذ مشروعات وقائية لحماية المدن من أخطار السيول، والعمل على استحداث قنوات جديدة تسهم هي الأخرى في رفد شرايين الاقتصاد الوطني.
وحملت الميزانية في طياتها – وفقا للتقرير- إشارات عديدة عن مدى اهتمام القيادة السياسية الرشيدة بالتنمية في مجالاتها كافة، واعتزامها دعم مسيرة اقتصاد المملكة في كافة مجالاته، ورغبتها في تعزيز الإنفاق على البنية التحتية لدعم نهضتها الاقتصادية الناجحة، وذلك لإدراكها الواعي بأن انطلاقة الاقتصاد وتطوير المشاريع واستقطاب الاستثمارات الخارجية يتوقف على مدى إمكانية وحجم البنية التحتية للدولة.
وأوضحت القراءة عددا من الإشارات والدلالات التي يمكن قراءتها واستخلاصها من مؤشرات الميزانية يأتي أولها: أن الاهتمام بقضية التنمية المتوازنة بين جميع مناطق المملكة ما زال يحظى بعناية خاصة ومتابعة مستمرة من قبل خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -، فنجد أنه في إطار اعتزام المملكة تضييق الفجوة التنموية بين المناطق المختلفة والحد من التمركز السكاني في مدن بعض المناطق، ولضمان استمرار التنمية الإقليمية المتوازنة، وعدم التركيز على تنمية منطقة دون أخرى، فقد بلغ المخصص لقطاع الخدمات البلدية ويشمل وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات حوالي (39) مليار ريال بزيادة نسبتها 9% عن ما تم تخصيصه بميزانية العام المالي الحالي 1434/ 1435، منها أكثر من (4.4) مليارات ريال ممولة من الإيرادات المباشرة للأمانات والبلديات، وذلك لتنفيذ مشاريع تنموية جديدة ومتنوعة بجميع المناطق، بهدف تعزيز دور جميع المناطق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تطوير
وفي الاهتمام الثاني أبرزت القراءة أن المواطن السعودي هو حقاً الغاية لتحقيق الأهداف التي تسعى المملكة إليها من خلال الاستثمار في العنصر البشري، والتي تنعكس إيجاباً على الوطن والمواطنين، ويظهر ذلك بوضوح باعتماد المبالغ اللازمة لدعم تطوير الخدمات الصحية وبرامج التنمية الاجتماعية ومعالجة الفقر، والإسراع بإتمام البرامج والمشاريع التنموية التي تهتم برقي المواطن وتطوره، وتوفر الخدمات الضرورية وتيسيرها للمواطنين، وتمكين مؤسسات الدولة وهيئاتها من أداء الدور المنوط لها تجاه المواطنين على النحو الأفضل، فقد بلغ ما خصص لقطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية حوالي (108) مليارات ريال بزيادة نسبتها 8% عن ما تم تخصيصه بميزانية العام المالي الحالي 1434/ 1435، كما استمرت المملكة في سياساتها الهادفة إلى زيادة رفاهية المواطنين، وتوفير الحياة الكريمة لهم.
وفي الاهتمام الثالث أبرزت مدى إدراك واستيعاب المملكة لأهمية التعليم وتنمية وتطوير القوى البشرية ورفع كفاءتها في مجالاتها المتعددة، والتي تشمل التعليم العالي والعام والتدريب وبالأخص في مجالات العلوم والتقنية، والمعلوماتية، ودعم البحث العلمي، والتطوير التقني، حيث يشهد التعليم في المملكة العربية السعودية المزيد من المنجزات والقفزات العملاقة بوصفه ركيزة مهمة في تحقيق التقدم، لمواكبة التطورات العلمية والتقنية في العالم، فالتعليم محور أساسي يتقاطع مع كافة المواضيع التي تعنى بالتنمية والتطوير سواء من الناحية الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو البيئية أو الصحية، فالمملكة دائماً ما تتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقاً للأجيال القادمة، وتعمل جاهدة على التحول إلى اقتصاد المعرفة. حيث بلغ ما تم تخصيصه لقطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة ما يقارب (210) مليارات ريال، ويمثل حوالي نسبة 25% من النفقات المعتمدة بالميزانية، وبزيادة تقارب نحو 3% عن ما تم تخصيصه للقطاع بميزانية العام المالي الحالي 1434/ 1435.
تنافسية
وفي الاهتمام الرابع أوضحت القراءة بأن السياسات الاقتصادية التي تنتهجها المملكة تهدف إلى تنمية وتنويع مصادر الدخل والاستغلال الأمثل للموارد، بما يكفل استدامة التنمية الاقتصادية على المدى الطويل وتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على سلعة واحدة كمصدر للدخل، والاستمرار في مواصلة تطوير هيكل الاقتصاد السعودي، وتحقيق زيادات ملموسة في مساهمة القطاعات غير النفطية في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير الفرص الوظيفية. ورفع القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني وللمنتجات الوطنية، إلا أنه وعلى الرغم من زيادة دور القطاع غير النفطي في الاقتصاد الوطني خاصة دور القطاع الخاص، إلا أن القطاع النفطي لا يزال هو المحرك الرئيس للاقتصاد الوطني، حيث يساهم بمعظم إيرادات المملكة والمتحصلات في ميزان المدفوعات، (أي أنه لا بد من الاستفادة من فوائض مالية وقائية لمواجهة ذلك والاهتمام بتطوير وتنويع المصادر غير النفطية).
وأما الخامس فواصلت الحكومة السعودية تحقيق فوائض في الميزانية (باستثناء عام 2009) على خلفية ارتفاع عائدات النفط منذ عام 2003، ومكن ذلك الحكومة من خفض الدين العام بمتوسط سنوي بلغ 17.8% ليصل 167 مليار ريال عام 2010، من نحو 660.2 مليار ريال عام 2003، وتم تقليص هذا الدين بنسبة 18.9% ليصل إلى 135.5 مليار ريال عام 2011، وقد انعكس أيضاً استمرار تخفيض الدين العام في التحسن الكبير في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي التي انخفضت إلى 6.3% في عام 2011، من 10.2% في عام 2010، 82.9% عام 2003، كما لم يتم إصدار أية أدوات للدين العام خلال عام 2011 بسبب وضع الميزانية الجيد خلال السنوات الماضية، ويُتوقع أن ينخفض حجم الدَّين العام بنهاية العام المالي الحالي 1434/ 1435 (2013) إلى (75.1) مليار ريال ويُمَثِّل 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 1434/ 1435 (2013) مقارنة بمبلغ (98.8) مليار ريال بنهاية العام المالي الماضي 1433/ 1434 (2012).
كما أن السياسة النقدية التي تنتهجها المملكة ساعدتها في توفير الحيز المالي الملائم لاتخاذ إجراءات قوية في مواجهة آثار الأزمات المالية العالمية المتلاحقة، وحافظت على متانة وسلامة القطاع المصرفي فيها، كما أن تلك الطفرات الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد الوطني تؤكد أن سياسة المملكة المالية جيدة وتمضي في مسارها الصحيح. فقد أسهمت الخطط الجادة في تحقيق هذا التفوق الملحوظ.
إنجازات
وحول الاهتمام السادس فتبعث مؤشرات ميزانية المملكة للعام المالي الجديد وما حققته القطاعات الاقتصادية المختلفة من إنجازات في العام المالي الحالي برسالة واضحة للقطاع الخاص السعودي مفادها أن المملكة ملتزمة بمواصلة برنامجها الإنفاقي التحفيزي، "الإنفاق التوسعي"، ومعلنة عن عدد من الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات.
وأخيراً وفي الاهتمام السابع فالميزانية العامة للمملكة للعام المالي 1435/ 1436 هي تأكيد رسمي وإعلان اقتصادي عن قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، وعلى مدى قدرته على مواجهة الأزمات الطارئة، وتحقيق التنمية المتوازنة في جميع المجالات، كما أن تلك الميزانية وثيقة تفاؤل ورسالة اطمئنان للمستثمرين في كل المجالات الاقتصادية، وتأكيد على استمرار المملكة في كونها الملاذ الآمن، والنموذج العالمي لكل رجال الأعمال والمستثمرين.
إشادات عالمية
إثر ذلك ثمنت تقارير عديدة صادرة عن جهات ومنظمات اقتصادية دولية مؤخراً على تميز أداء الاقتصاد الكلي للمملكة، ودورها الأساسي في استقرار السوق البترولية، وجاء ذلك إثر مواصلة الاقتصاد السعودي أداءه المتميز مستفيداً من النمو المتزايد في الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية، واستمرار المملكة في الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية العديدة التي تقوم بها لتمكين القطاع الخاص غير النفطي من تحقيق نمو قوي واسع النطاق.
وأكد تقرير مشاورات صندوق النقد الدولي مع المملكة لعام (2013) أن المملكة من أفضل الدول أداءً في مجموعة العشرين في السنوات الأخيرة، وأنها دعمت الاقتصاد العالمي عبر دورها المساند لاستقرار سوق النفط العالمية، وأشار التقرير إلى إيجابية الآفاق المنتظرة للاقتصاد السعودي.
كما رحب المديرون التنفيذيون بصندوق النقد الدولي بالتدابير التي اتخذتها الحكومة لتعزيز إدارة المالية العامة، كما رحبوا بالخطوات المستمرة لدعم التطور المالي وتعزيز التنظيم والرقابة الماليين، وأشادوا بالاستثمارات الكبيرة الموجهة للتعليم للنهوض بمهارات المواطنين، مشيرين إلى ضرورة مراقبة هذا الإنفاق في ضوء تحقيق النتائج المرجوة، وأكدوا على أن نمو الائتمان في المملكة لا يزال قوياً وأن الجهاز المصرفي يتمتع بمستوى جيد من كفاية رأس المال والربحية مع بدء تطبيق معايير "بازل 3" لرأس المال في يناير 2013، إذ إن المملكة من أوائل الدول التي طبقت هذه المعايير.
وأعلنت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني عن رفعها للنظرة المستقبلية للتصنيف السيادي للمملكة من مستقر إلى إيجابي عند درجة ائتمانية عالية (AA-)، وأثنت ستاندرد آند بور على جهود المملكة في تعزيز وتنويع اقتصادها مما أدى إلى نمو متسارع وحقيقي لمتوسط دخل الفرد، إضافة إلى الإدارة الحصيفة لاحتياطاتها المالية، ويأتي الإعلان بعد إعلان مماثل من وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية خلال مارس المنصرم.
تعاملات إلكترونية
وحول برامج إصلاحات البنى التحتية أشارت القراءة إلى "المشروع الوطني للتعاملات الإلكترونية الحكومية"، فقد استمر تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع الذي تم إطلاقه في العام المالي 1427/ 1428 لدعم مبادرات ومشاريع الخطة التنفيذية الثانية للتعاملات الإلكترونية الحكومية (2012 - 2016)، وقد تم تنفيذ ما يقارب (1600) خدمة إلكترونية متوفرة حالياً من خلال البوابة الوطنية للتعاملات الإلكترونية الحكومية (سعودي)، كما بلغ عدد الجهات الحكومية المرتبطة بالشبكة الحكومية الآمنة (106) جهات حكومية رئيسة. وبلغ عدد الجهات الحكومية التي تتبادل البيانات فيما بينها إلكترونياً عبر قناة التكامل الحكومية (65) جهة حكومية. كما تم إطلاق مركز الاتصال الوطني لخدمة المستفيدين من الخدمات الإلكترونية على مدار الساعة من خلال قنوات الاتصال المتعددة.
وفيما يتعلق بتطبيق برنامج السداد الإلكتروني للرسوم وأجور الخدمات الحكومية من خلال نظام "سداد" فقد بلغ عدد الجهات التي تم ربطها بالنظام خلال العام المالي الحالي 1434/ 1435 نحو (4) جهات حكومية ليصل بذلك عدد الجهات المرتبطة به إلى (128) جهة منها (71) جهة حكومية، وقد بلغ إجمالي المدفوعات التي تمت عبر النظام خلال العام المالي الحالي 1434/ 1435 نحو (83) مليار ريال بزيادة 41% عن العام المالي السابق 1433/ 1434 ليصل إجمالي المدفوعات التي تمت عبر النظام منذ إطلاقه وحتى 27 / 1/ 1435 ما يقارب (224) مليار ريال.
كما أبرزت القراءة إصدار مؤسسة النقد العربي السعودي مؤخراً أول ترخيص لممارسة أنشطة التمويل العقاري والإيجار التمويلي لأحد البنوك المحلية كأحد البرامج الإصلاحية، كما تقوم المؤسسة حالياً باستكمال دراسة أكثر من (15) طلباً بعد استيفاء متطلبات التراخيص النظامية.