في فجر أول يوم من القرن الهجري الحالي دخل "جهيمان" الحرم المكي، معتقداً أن القيامة قريبة وأن المهدي المنتظر ظهر، إلا أن المهدي لم يظهر والقيامة لم تقم وانتهت القصة إلى ما انتهت إليه.

في فجر أول يوم من الألفية الثالثة تجمع قرابة 1000 شخص من جماعة "الوصايا العشر" بعد أن تهيؤوا ليوم القيامة في إحدى كنائس أوغندا، ولم تقم القيامة وانتحروا جميعا بقيادة الراهب "جوزيف كيبويتيره".

في عام 1978 قاد الأميركي "جيم جونز" عملية انتحار لأتباعه (900) شخص حين وعدهم بالجنة التي أقامها لهم في مزرعته في سان فرانسيسكو، إلا أن الجنة انتهت حين شعر جونز أن السلطات ستنهي حركته بالقوة ودفع بأتباعه إلى الانتحار بتجرع السم، ومن لم يشرب السم طوعاً يتم قتله بالرصاص.

ومهما كانت الأسباب إلا أنها في التحليل الأخير رغبة في الزعامة وكره للناس وحب للتدمير يتملك نفس أحدهم، فيلجأ لمظلة دينية تقنع البسطاء الضائقين بالحياة فيستخدمهم لتكوين سلطته وينتهون معاً إلى الموت أو السجن أو المطاردة الدائمة في الكهوف.

يعجز الزعيم عن فرض فكرته على الناس فيلجأ إلى تدمير الحياة كلها فيبحث عن شرعية وأتباع يمنحونه نفساً أطول وشرعية وهميّة كـ"ابن لادن والظواهري" وأتباعهم والذين يحملون التفكير نفسه.

الذين استمعوا للمعتقل "وليد السناني" في برنامج الثامنة قبل أشهر سيعرفون تفكير هؤلاء الناس، فهو رجل طيّب كما يظهر، لكنه لا يريد الخروج من السجن ولا يريد القراءة ولا يريد التعليم ولا يريد الأمن، يتبرأ من أقاربه، ولا يقابل ابنه المسجون معه في المعتقل نفسه، ولا يعترف بالأوطان، ويفكر أن يعيش في بلد الإسلام والهجرة مع طالبان أو داعش والنصرة!.

لا حدود لهذا التفكير المجنون، فمهمته الوحيدة هي التدمير المستمر حتى يموت.

هؤلاء ينطلقون من كره لا حدود له وحين يفكرون في تدمير الحياة فليس أمامهم إلا الانتحار. والزعيم لو انتحر وحده سيتهمه الناس بالكذب والدجل، فهو يبحث عن وهم ديني وعن رفاق يصحبونه في حفلة الموت. وسيجد كثيرا من المغفلين.