وضعت المملكة تقديرات موازنتها للعام 2014، على أساس متحفظ لأسعار البترول تتراوح بين الـ63 و65 دولارا لسعر برميل النفط، مقدرة إسهام الناتج المحلي بنحو 85 مليار ريال، وذلك بعد أن قدرت وزارة المالية إيرادات موازنة العام 2014 بـ855 مليار ريال والنفقات العامة بـ 855 مليار ريال، دون توقع لأي عجز أو فائض.
ومع إعلان المملكة عن الميزانية العامة لها في العام 2013، والتي سجلت فائضا بحوالي 206 مليارات ريال، حيث بلغت الإيرادات 1131 مليار ريال والمصروفات 925 مليار ريال، فيما زادت المصروفات الفعلية عن المخطط لها بـ 105 مليارات ريال، أظهر تحليل أجرته "الوطن" مع المستشار الاقتصادي ناصر آل مغرم أن حكومة المملكة وضعت تقديرات موازنتها للعام المقبل على اعتبار أن يكون سعر البرميل بين 63 و65 دولارا.
وأوضح آل مغرم لـ"الوطن" أنه بناء على بيانات وزارة المالية التي حددت إسهام النفط في إيرادات المملكة للعام المقبل بـ90%، فيما يعود ما تبقى إلى الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني أن إسهامه سيكون بحدود الـ85 مليار ريال، فإن المملكة قدرت موازنتها للعام المقبل على أساس 237 ريالا، أي 63.3 دولارا، في حال استمر تصدير النفط بواقع 9 ملايين برميل يومياً.
وعن السياسة التحفظية التي بنت على أساسها المملكة أسعار البترول، أرجع آل مغرم السبب إلى عدة عوامل أهمها وضع المملكة في مجموعة العشرين وما تفرضه ظروف العالم الاقتصادية من اتخاذ منهج وسط للتوفيق بين الدول المستهلكة والدول المصدرة للنفط، حيث تؤكد تقديرات المملكة إلى جانب مساعيها الدائمة أمام المجتمع الدولي سعيها إلى تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي بعد موجات الانكماش التي لحقت باقتصادات الدول في ظل استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وأضاف أن من بين الأسباب الداعية لاتخاذ المملكة هذا المنهج في تقديراتها لأسعار منتجاتها النفطية، احتمالات عودة بعض الدول المنتجة للنفط إلى سوق التصدير بشكل أقوى، لا سيما المساعي الإيرانية التي تجريها للتعاون مع المجتمع الدولي في إيجاد حلول لفك أزمة ملفها النووي، مما يساعدها على العودة مرة أخرى وفك الحصار عن تصديرها للنفط، إضافة إلى عودة الإنتاج الليبي إلى التحسن والعراق كذلك، إضافة إلى النشاط الأميركي في إنتاج النفط الصخري، بحيث تكون المملكة مستعدة لأي احتمالات خفض أو رفع لأسعار النفط.
وبحسب آل مغرم فإن الاعتبارات التي أخذتها السياسة المالية للمملكة ستساعدها بلا محالة في التحوط لأي تراجع مفاجئ في السعر، وبالتالي حدوث عجز في الميزانية، إضافة إلى حرصها على بقاء الأسعار في مستويات معقولة لا تلحق ضررا بالاقتصاد العالمي، الأمر الذي يجعلها لا تضع ميزانيتها على سقوف عالية للنفط لا ترى أنها مناسبة لاقتصادها وللاقتصاد العالمي، وهو ما يفسر استمرار الأنشطة الاقتصادية في المملكة بمعدلات جيدة رغم انحسار الأنشطة الاقتصادية في العالم وانكماش الكثير من الاقتصادات العالمية.
وبالنظر إلى الأرقام السنوية وفق بيانات "ساما" ذاتها، فإن متوسط سعر الخام العربي الخفيف سجل انخفاضا طفيفا بلغ 106.5 دولارات للبرميل عام 2012، مقارنة بمستوى 108.6 دولارات في عام 2011. وتشير تقديرات مصرفية إلى أن الخام العربي الخفيف يسهم بنسبة 50 إلى 60% من إجمالي صادرات نفط المملكة.
وبالعودة إلى بيانات وزارة المالية التي وضعت تقديراتها على أساس أن حوالي 90% من الإيرادات يتمثل في تصدير النفط، فإن الناتج المحلي من سلع وخدمات ما زال دون المستوى المأمول به، حيث لا يشكل سوى 10%، الأمر الذي يعيد أهمية تنويع مصادر الدخل ووضع خطط وبرامج تحد من مساهمة القطاع النفطي بأقل من 90% لرسم أهداف محددة بوقت معين لزيادة تنويع مصادر الدخل، إلا أن ما تشهده المملكة من مشاريع تنموية كبيرة ربما كان له تأثير في استمرار الاعتماد على النفط بشكل أساسي في الدخل.