حمل وزراء الخارجية العرب، في ختام اجتماع طارئ عقدوه أمس في القاهرة بناء على طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إسرائيل "مسؤولية إعاقة السلام من خلال استمرار عمليات قتل" الفلسطينيين و"التمادي في الاستيطان". ورأس وفد المملكة إلى الاجتماع وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني.
وقال الوزراء العرب في بيان إنهم "يحملون الحكومة الإسرائيلية مسؤولية إعاقة تحقيق السلام من خلال استمرار عمليات قتل أبناء الشعب الفلسطيني بدم بارد وتماديها في مخططات الاستيطان وهدم البيوت والقرى وتهجير السكان والاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى وتكثيف حصارها على قطاع غزة". وطالب البيان الولايات المتحدة والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بـ"إلزام الحكومة الإسرائيلية بوقف كافة الأنشطة الاستيطانية ومنح عملية المفاوضات فرصة وصولا إلى تحقيق التسوية النهائية" للقضية الفلسطينية.
كما كلف وزراء الخارجية العرب، المجموعة العربية بالأمم المتحدة "بالتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لطلب تشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في قضية استشهاد" الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وكانت الجامعة العربية رفضت أمس مقترحات أميركية تسمح بتمركز جنود إسرائيليين على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية التي ستقام مستقبلا، مما يظهر التحدي الذي يواجه جهود الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام بحلول أبريل المقبل.
وقال الأمين العام للجامعة نبيل العربي إنه يجب ألا يكون هناك جندي إسرائيلي واحد على أرض فلسطين في المستقبل. لكن القرار الذي تلاه في ختام الاجتماع لم يتضمن عبارات الانتقاد اللاذعة التي وردت في تقرير وزع على الوفود العربية قبل الاجتماع.
وقال التقرير إن الاقتراحات الأمنية الأميركية "تحقق المطالب الأمنية الإسرائيلية التوسعية وتضمن استمرار سيطرتها على منطقة الأغوار بحجة الأمن". ووصف التقرير المقترحات بأنها "تراجع أميركي عن مواقف سابقة للتوصل إلى حل نهائي وشامل دون تجزئة".
وكشفت مصادر فلسطينية عن تفاصيل الخطة الأميركية، وقالت إنها تسمح بوجود عسكري إسرائيلي مستمر خلال السنوات العشر القادمة في غور الأردن. وتقول إسرائيل إن قواتها يجب أن تبقى هناك لمنع دخول الأسلحة والمتطرفين إلى الضفة الغربية.
ورفض عباس فكرة تمركز قوات إسرائيلية على طول غور الأردن، لكنه قال إنه قد يقبل نشر قوات أميركية هناك. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يقوم بجهود دبلوماسية مكثفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين إن الولايات المتحدة قدمت "بعض الأفكار" عن الترتيبات الأمنية، لكنه لم يقدم تفاصيل.
وأوضح التقرير أن رفض عباس جاء في رسالة سلمها للجانب الأميركي في 13 ديسمبر الجاري تضمنت الموقف الفلسطيني ورؤيته للحل، وفي مقدمتها الرفض المطلق لوجود الجيش الإسرائيلي على الحدود الشرقية مع الأردن وتمسك الطرف الفلسطيني بوجود طرف ثالث على هذه الحدود لفترة زمنية محددة.
وأضاف التقرير أن الولايات المتحدة وإسرائيل تربطان المحادثات الخاصة بالقضايا السياسية بقبول الفلسطينيين "بالحل الأمني الأميركي"، وهو ما يرفضه الجانب الفلسطيني.
وأفاد بأن الخطة التي رفضتها الجامعة تشمل تواجدا متفقا عليه للجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن لمدة تتجاوز أربع سنوات، وتشارك فيها قوات أميركية على أن يتم تخفيض القوات تدريجيا والمدة الزمنية وفقًا للوضع الأمني بالضفة الغربية وعلى الحدود، وأن تكون الدولة الفلسيطينية منزوعة السلاح، وستقوم طائرات استطلاع أميركية بمهمة المراقبة المتواصلة للأراضي الفلسطينية على غرار المراقبة التي تجريها بالجولان السوري، وستكون المعابر الحدودية في نهر الأردن بإدارة مشتركة بين الطرفين مع تمثيل أميركي.
وأخبر التقرير بأن الخطة تتضمن أيضا إخلاء الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي ماعدا الأغوار ولا يسمح بمطاردة ساخنة للجيش الإسرائيلي داخل الضفة الغربية إضافة إلى ضخ استثمارات أميركية كبيرة في مجال الاستخبارات وتحسين قدرات الجيش الإسرائيلي لتوفير عائد تكنولوجي مقابل انسحابه من الضفة الغربية إلى جانب تواجد إسرائيلي في مراكز الإنذار المبكر في مرتفعات الضفة الغربية.
وكان عباس وصل إلى القاهرة مساء أول من أمس، وأجرى مشاورات مع أمين الجامعة العربية نبيل العربي ورئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء محمد التهامي، كما التقى أمس الرئيس المصري عدلي منصور، تناولت تطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية.