تشهد أسواق المدينة المنورة انتشار باعة جوالين يعرضون ملابس شتوية مجهولة المصدر، إذ فوجئ عدد من أصحاب المحال التجارية بالمنطقة المركزية بالباعة يعرضون كميات كبيرة من الملابس، التي لا تحمل إشارة تبين مصدرها، وتعرض بأسعار رخيصة، مما جعلها تحظى بإقبال شديد من جانب الزبائن في ظل تذمر أصحاب المحال التجارية وغياب الرقابة، وسواد الاعتقاد بين المستثمرين بأنها مستخدمة مسبقا أو أنها كانت مخصصة للتوزيع ضمن الجمعيات الخيرية، ولكنها وجدت طريقها إلى الأسواق، فيما يقول أحد الجوالين إن البضائع مستوردة نظاميا.

وفيما رصدت "الوطن" انتشار الباعة بشوارع المدينة المنورة وحول أسواقها الشعبية، أرجع عدد من المستثمرين وأصحاب المحال انتشار بيع الملابس الشتوية المجهولة المصدر لاستغلال الباعة دخول موسم الشتاء لتقديم بضائع منخفضة السعر، مقارنة مع الملابس ذات العلامات التجارية العالمية التي يعرضونها، مؤكدين أن انتشار الباعة الجوالين يضر بالسوق وأصحاب المحال بالمنطقة، الذين يتقيدون بأنظمة الجهات المعنية في تجارة المدينة.

ويقول أحد الباعة الجوالين (رفض ذكر اسمه)، إن الملابس المعروضة تجلب من ميناء جدة، شارحا أن عددا من التجار يتركون الشحنات في الميناء ولا يحضرون لاستلامها لأي سبب كان، فيما تقوم إدارة الميناء ببيعها في المزاد، وغالباً ما تكون الشحنات متداخلة، فيقوم عدد من التجار بشرائها وعرضها بأسعار منخفضة؛ ليتلقفها الباعة الجوالون، الذين يعرضونها بدورهم على المقيمين الذين يشترونها بأرخص الأسعار.

أما النوع الآخر من الملابس الموجودة في مباسط السوق، فيقول البائه إنها "تلك التي لم تطابق معايير الجودة في مصانعها وتقوم تلك المصانع ببيعها بالجملة؛ دون أن تضع عليها ما يشير لصانعها حتى لا يتأثر اسمها في السوق العالمي، وتصل بهذه الصفة وتعرضها في السوق بأسعار منخفضة"، ولا يرى مانعاً أو ضرراً من الاستفادة منها، لا سيما أن المستفيدين هم العمالة المقيمة والفقراء، نافياً كل ما يذكره أصحاب المحال من أن مصدر تلك البضاعة حاويات جمع ملابس المتبرعين التابعة للمؤسسات الخيرية، أو أنها مستعملة.

من ناحية أخرى، يقول صالح البوق وهو أحد أصحاب محال بيع الملابس الجاهزة بمركزية المدينة: "نحن نفتح محلاتنا طوال السنة وندفع للحصول على رخص معتمدة من وزارة التجارة، والبلدية وتفرض علينا الرقابة بشروط كل جهة وهي عديدة ومرتفعة ولكن يكثر من يزاحمنا خلال هذه الأيام من الباعة الجائلين بملابس مجهولة المصدر، فكيف سنعمل ونعول عائلاتنا؟

كما قال البائع في أحد المتاجر ناصر أبوهلال:" هذا هو موسم عملنا الذي يقتصر على بيع الملابس الجاهزة؛ غير أن ضعف الرقابة على الباعة الجائلين يسبب لنا في الخسارة، لا سيما أنهم يقفون أمام محالنا التجارية وعلى الأرصفة المجاورة ببضاعتهم المنخفضة التكاليف".

من جانبه، أكد عضو غرفة المدينة المنورة ونائب رئيس المجلس البلدي عبدالغني الأنصاري على "أهمية مراقبة تلك البضائع التي لا يعلم مصدرها وما تحمله من أمراض تسبب العدوى وغيرها من الأمور الضارة"، مضيفا: "يجب على الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الخصوص، وتخصيص أماكن وأكشاك خاصة بالسعوديين مجاورة للحرم لعرض وبيع بضائعهم؛ دون التسبب في زحام مداخل الحرم النبوي أمام البوابات وسد الطرقات، والتجارة لا تدار بهذا الشكل"، واصفا ما يحدث الآن بأنه "فوضى في السوق غير مقبولة أبداً".

وتساءل عمن يحمي أصحاب المحال التجارية الذين يستأجرونها بأسعار كبيرة ويأتي البعض ويعرض بضاعته كمنافس دون تحمل أعباء المحال التجارية أو رسوم الإيجار وغيرها من التكاليف، وقال: "يجب على الأمانة القيام بواجبها بمصادرة تلك البضائع، ويجب على الجهات الأخرى محاسبة كل من يخالف الأنظمة في هذا المجال. ولا بد من تكثيف الحملات التفتيشية في كل المواسم والأوقات وعدم اقتصارها على موسم معين".

من الناحية الصحية، يقول أخصائي الجلدية الدكتور سمير عمار إن "استخدام الملابس المجهولة المصدر، وغالباً ما تكون مستعملة، قد يحمل أمراضاً معدية وأخرى جلدية وينقل الفيروسات والفطريات ويتسبب بأمراض الربو والحساسية في الجلد، واحتمالية نقلها لمرض الجرب".