كل من عرفه، وإن لوهلة، يدرك أنه من الشخصيات المؤثرة، وأن أفكاره التي يسيل بها قلمه، تجمع نقيضين لطالما كان الجمع بينهما ميزة ثقافية من الصعب جدا تحقيقها، وهما الأصالة والتجــديد، فقيـه لغة وعالم لهجات، وناقد أدبي فحل، يتفاعل مع المشـهد الثقافي السـعودي، بوصـفه مثقفا نوعيا، وأحـد أبرز رموز فترة الثمـــانينات، بعقلانية واتزان وعلمية واعية.

وفي الصحافة، لا يمكن أن نستعرض التجربة السعودية دون أن نضع خطا عريضا تحت اسمه. ومن عمل إلى جانبه ومعه يدرك أنه لا يقبل بأنصاف الحلول، فالمهنية العالية مطلب ملح لديه، والعمل الصحفي ليس محددا في ساعات باهتة أو وظيفة مملة، بل مهنة محفزة وماتعة وتجربة ميدانية وعلمية مشوقة، وأداء وتجسيد حي لمشكلات وهموم الشارع والإنسان الذي يعلي قيمته كثيرا، فأينما نجده في صرح صحفي، نجد الإنسانية حاضرة يطوقها ورد الثقافة وثمار الأدب.

ذلك هو الدكتور عثمان محمود الصيني، الذي صدر قرار تعيينه رئيسا لتحرير صحيفة "مكة"، ليكون أول رؤساء تحرير هذه الصحيفة التي من المقرر أن تصدر قريبا من جوار البيت الحرام، بما لكل هذا المكان من رمزية تاريخية عريقة ودينية هامة، وسعودية مستحقة، وللمكان المقدس أيضا ارتباط وجودي بالدكتور عثمان، فهو مسقط رأسه وحاضن نشأته الأولى.

حصل على الدكتوراه في اللغة العربية من جامعة أم القرى بمكة المكرمة عام 1410هـ، والماجستير من الجامعة نفسها عام 1982م، فيما حصل على البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية شطر جامعة الملك عبدالعزيز 1976م بمكة المكرمة، ودرس المتوسطة والثانوية في دار التوحيد بالطائف.

بدأ حياته العملية في المجال التعليمي والأكاديمي خلال الفترة من عام 1976م وحتى 1996م قضى جلها في كلية المعلمين بالطائف، وشغل مدير مركز البحوث العلمية بالكلية المتوسطة بالطائف من 1985م إلى 1987م والعديد من المناصب الأكاديمية القيادية، كان آخرها رئيسا لقسم اللغة العربية في الكلية بين عامي 1990م و1996م.

وكان الدكتور الصيني من المؤسسين تحريرا لصحيفة الوطن، إذ شغل منصب نائب رئيس التحرير من العام 1999م، ورئيس التحرير المكلف بين عامي 2005م و2007م ، وفي العام 2007م عين مستشارا إعلاميا في وزارة الثقافة والإعلام، وقبل ذلك مستشارا لهيئة الصحفيين السعوديين في العام 2006م، كما عين رئيسا لتحرير المجلة العربية في العام 2008م، إضافة إلى شغله عضوية مجلس أمنــــاء جـائزة الملك خالد بمؤســسة الملك خالد الخيرية من العام 2006م، والعديد من العضويات في مجـالات مختلفة.

وفيما ينظر للصيني كأستاذ جيل، ومشعل للثقافة والصحافة السعودية، فإن بعض الراصدين للمشهد الثقافي السعودي يعدونه جامعة تمشــي على قدمين، تخرج فيها أجيال تدين له بالفضل ولا تزال، إضافة إلى كونه أحد أكثر الأســماء اللامعة في الصحافة السـعودية والعربية، فقد امتاز بالأخذ بيد الأجيال الجديدة في بلاط صاحبة الجلالة، فضلا عن بحثه وتنقيبه عن الأسماء التي تدعم صحافة الرأي من الشباب الواعي المثقف.