شهدت جوبا عاصمة جنوب السودان هدوءا أمس، بعد معارك ضارية بين فصائل متناحرة في الجيش، أوقعت نحو 500 قتيل منذ مساء الأحد الماضي، بينما ابدت جهات دولية مخاوفها من تداعيات الاقتتال على الجوار الإقليمي.
في حين نفى نائب رئيس الجمهورية السابق ريك مشار، حصول أي محاولة انقلابية في جوبا. وأعلن مشار، في أول تصريح له منذ بدء الأحداث الدامية، عدم وجود أي محاولة انقلاب تتهمه السلطات بأنه يقف وراءها، وتبرر بها وقوع المعارك الأخيرة.
فيما قال المتحدث باسم سلفاكير أمس إن سلفاكير مستعد لأي حوار مع نائبه السابق مشار.
وصرح المتحدث الرئاسي أتني ويك أتني بأن الرئيس "سئل إن كان سيقبل أي حوار وقال إنه على استعداد للحوار".
وقال سلفاكير الذي كان يجيب عن أسئلة في مؤتمر صحفي إنه لا تجري محادثات في الوقت الحالي مع مشار الذي أقيل في يوليو الماضي.
وقال في مقابلة مع موقع "سودان تريبيون" نشر أمس، إن محاولة الانقلاب التي نسبتها إليه السلطات ليست سوى ذريعة من الرئيس سلفاكير ميارديت للتخلص من خصومه السياسيين.
وأضاف مشار الذي لم يفصح عن مكان وجوده "لم يحصل انقلاب وما حدث في جوبا هو سوء تفاهم بين عناصر في الحرس الرئاسي داخل وحدتهم. لم يكن هناك انقلاب ولا علاقة أو علم لي بأي محاولة انقلاب". وتابع "ما كنا نريده هو العمل ديموقراطيا على تغيير الحركة الشعبية. لكن سلفا كير يريد استخدام محاولة الانقلاب المزعومة من أجل التخلص منا للسيطرة على الحكومة والحركة الشعبية. لا نرغب فيه رئيسا لجنوب السودان بعد الآن".
واستطرد مشار، الذى هرب واثنين من كبار قادة الحركة الشعبية، بالقول إن سلفا كير كان يبحث فقط عن ذريعة لاتهامهم زورا؛ لإحباط العملية الديموقراطية التي تدعو لها جماعته باستمرار. وقال إن سلفا كير خرق الدستور مرارا وتكرارا ولم يعد الرئيس الشرعي.
وشدد على أنه وزملاءه الذين تم القبض عليهم متهمون زورا، كما دان إجراءات كير لتشجيع ما أسماه بالمجازر الأخيرة، التي استهدفت مجموعة عرقية واحدة في عاصمة البلاد جوبا، في الأيام الثلاث الماضية. وكان مشار يشير إلى أبناء قبيلته من النوير، الذين احتمى أعداد كبيرة منهم بمقر الأمم المتحدة بالقرب من مطار جوبا الدولي، في المقابل عرض سلفا كير إجراء محادثات مع مشار.
وأكد شهود عيان، قيام معارك حامية في مدينة بور، بولاية جونقلي بين جنود الجيش الشعبي من أبناء الدينكا والنوير الذين يقودهم الجنرال جيمس كاديت.
وتدرج السلطات بجنوب السودان اسم مشار مع أربعة سياسيين آخرين على القائمة الرسمية للأشخاص المطلوبين. كما اعتقلت 10 شخصيات بينهم 8 وزراء سابقين من الحكومة التي أقالها الرئيس سلفا كير في يوليو الماضي.
وأكد دبلوماسيون بمجلس الأمن، أن الأمم المتحدة تلقت تقارير من مصادر بجنوب السودان تفيد بمقتل ما بين 400 و500 شخص وإصابة 800 آخرين في اضطرابات جوبا، حسب سجلات المستشفيات، فيما نزح نحو 100 ألف شخص من جوبا. وفيما أبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، قلقهما من مجريات الأحداث، بدأت الولايات المتحدة أمس، إجلاء موظفي سفارتها غير الأساسيين ومواطنين أميركيين من جنوب السودان. كما قالت مستشارة الأمن القومي للبيت الأبيض سوزان رايس، إنها "تشعر بقلق بالغ من العنف في جنوب السودان".
وقال بان كي مون إن العنف في جنوب السودان الذي أسفر عن مقتل مئات الأشخاص في الأيام القليلة الماضية قد ينتقل إلى مناطق أخرى في البلاد. وأضاف أن "هذه أزمة سياسية وهناك حاجة ملحة للتعامل معها بالحوار السياسي".
وأضاف "هناك خطر أن ينتقل العنف إلى ولايات أخرى في جنوب السودان، وقد رصدنا بالفعل بعض المؤشرات على ذلك".
وأعلنت إيطاليا البدء بسحب رعاياها من جنوب السودان، معربة عن الاستعداد للقيام بالخطوة عينها في أفريقيا الوسطى، في حال اقتضت الضرورة.
وقالت وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو، خلال جلسة استماع للجان الخارجية والدفاعية المشتركة في مجلس النواب، أمس: "بدأنا عملية الإجلاء من جنوب السودان، وخاصة في الأماكن التي يتواجد بها عمّال الإغاثة".