تألقت اللغة العربية في أرجاء البلاد احتفاء بـ "يومها العالمي" أمس من قبل عدد من المؤسسات الثقافية. ففي المدينة المنورة قال عميد كلية اللغة العربية الدكتور عبدالرزاق بن فراج الصاعدي إن اليوم العالمي للغة العربية فرصة مناسبة لنحتفي بلغتنا العربية التي أصابها الضيم من أبنائها، بالتفريط في حقها تعليما وتحدّثا، وخلطها بالعاميات والمصطلحات الأجنبية، وفي هذا ظلم وتشويه للسان العرب الفصيح. وتابع الصاعدي: أقول لكل عربي: أنت تمتلك واحدة من أعظم اللغة.. إنها سيدة اللغات، ولغة القرآن، ووعاء الأدب الرفيع، وإن لغتك هويتك، فعليك أن تفتخر بها، وأن تكون حريصا على سلامتها ونقائها مما يشوبها، وألا تقدم عليها غيرها من اللغات. وإن كل أمة يضعف اهتمامها بلغتها تفقد هويتها وتهتز شخصيتها ويضعف إبداعها ويجف ينبوعها الأدبي وتفقد جذوتها الثقافية.
الأستاذ المساعد بقسم الإعلام في جامعة طيبة بالمدينة المنورة الدكتور عبدالحفيظ درويش ذهب إلى أن اللغة العربية ليست كيانا جامدا لا حياة فيه، وإنما هي أشبه ما يكون بالكائن الحي الذي ينمو ويتطور، كما يكون عرضة في أوقات الضعف والانكسار للوهن والمرض، وقد يصاب بالشيخوخة، وقد يدخل في طور الاحتضار، أو حتى الموت، ولكنها في كل الأحوال.. سرائها وضرائها، ومنشطها ومكرهها لم تفقد هويتها، ولم تذو شخصيتها، ويرجع ذلك لسببين، الأول ارتباطها الوثيق بالقرآن الكريم، وارتباط الناس بالعربية لا يمثل مجرد ارتباط بلغة، ولكن يزيد على ذلك بأنه ارتباط بدين قيم، ومثل عليا. والثاني طبيعتها الذاتية، وكثرة مفرداتها، والروافد التي تغذيها وتجدد نسيجها. واتهم درويش أغلب مقدمي البرامج التلفزيونية، وخاصة "التوك شو" بأنهم يتفاخرون باستعمال مصطلحات باللغة الإنجليزية بالرغم من وجود بدائل عربية لها، ويعتبرون ذلك من المدنية، وقال: لوسائل الإعلام أثر إيجابي وآخر سلبي على اللغة العربية، فأثرها الإيجابي تمثل في أنها ساهمت في انتشار اللغة العربية البسيطة التي تستخدمها في أغلب البرامج الإخبارية والتغطيات للمؤتمرات والندوات، ولكن أثرها السلبي تمثل في أن وسائل الإعلام بدلا من أن ترفع ثقافة القارئ وتدعم لغته بالمفردات اللغوية السليمة انزلقت معه إلى قاع اللغة العامية.
في نفس السياق تفاعل عدد كبير من المغردين عبر موقع "تويتر" بالمشاركة في فعاليات هذه المناسبة من خلال وسم "#بالعربي" التي أطلقتها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم دعما للغة العربية وتعزيزا للهوية. وتناقل مغردون الأمثال والأقوال المأثورة، كالمقولة المنسوبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب "تعلموا العربية فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة".
وقال الدكتور موسى العبيدان في الورقة التي قدمها خلال ندوة نادي تبوك الأدبي إن العرب أنجزوا بصناعة معاجمهم اللغوية منذ القرن الثاني الهجري وقاربت "1500" معجم، من غير المعاجم الحديثة. بينما قدمت الدكتورة هدى السعيد ورقة أخرى حملت عنوان "المعجم اللغوي بين الواقع والمأمول"، تحدثت فيها عن المعاجم اللغوية الذي تحفظ التراث اللغوي من الضياع، وتصونه من التحريف. وتناولت في الورقة قيمة المعجم اللغوي وأهميته في حماية اللغة العربية. كما تناولت مشكلات المعجم اللغوي للوقوف على واقعها ومعرفة مواطن النقص وتلافيها واستدراكها ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لعلاجها. وبينت الدكتورة عددا من المشكلات التي تواجه اللغة في العصر الحديث، منها صعوبة الاستعمال، التصحيف والتحريف، مشكلة الضبط، عدم ترتيب الاستعمالات داخل ترتيب واحد وعدم الاستقصاء.
وجنوبا باتجاه منطقة عسير، وتحديدا في محافظة بارق، يكرم المقهى الثقافي بمحافظة بارق اليوم البرفيسور الراحل عوض بن أحمد القوزي. وقال المتحدث الإعلامي للمقهى الثقافي بالمحافظة الدكتور عبدالرحمن حسن البارقي إن المقهى يسعد ويتشرف بتكريم أحد سدنة اللغة العربية وأبنائها البارين، وهو البرفيسور عوض بن أحمد القوزي ـ رحمه الله ـ الذي أثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات القيمة.
وفي الطائف شخّصت ندوة نظمتها جامعة الطائف أمس حال اللغة العربية. وقال الدكتور عيسى شحاتة: إن اللغة العربية من أكبر مقومات الإنسان العربي، مشيرا إلى أن أول ظهور للضعف في اللغة العربية كان عند احتكاك العرب باللغات المجاورة لهم، مؤكدا أن مشكلة معالجة ضعف اللغة العربية هي أن جميع وسائل التصدي لا تبدأ إلا من حيث ابتدأ الآخرون، لا من حيث انتهوا.
وطالب شحاتة بإلغاء ازدواجية اللغة العربية وتطوير المعجم العربي، وإنشاء معاهد للغة العربية وتوحيد المصطلحات.
وكان مدير الجامعة الدكتور عبد الإله باناجة قد قال في كلمة افتتاحية: إن العربية هي اللغة التي نزل بها أعظم كتاب في تاريخ البشرية.
وقال عميد كلية الآداب الدكتور بريكان الشلوي إن برنامج الجامعة للاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية سيشمل عدة محاور على مدار يومين متتاليين لعدد من الأساتذة الجامعيين والمتخصصين في اللغة العربية. ويستكمل البرنامج اليوم بالمحور الثاني عن اللغة العربية والثقافات الأجنبية، ويشمل العربية في الثقافة الإنجليزية، والعربية في الثقافة الإسبانية. ويأتي المحور الثالث عن العربية والإعلام والاتصال، ويشمل العربية في الإعلام، والعربية بين التغريب والتعريب، إضافة للعربية واللغات العالمية، بعد أن انطلقت أولى الندوات بعنوان "اللغة العربية بين الواقع والمأمول"، وتحدث فيها الدكتور علي جعفر عن واقع اللغة العربية، وقال: مرت اللغة العربية بمرحلتين، الأولى عند نزول القرآن، والثانية كانت في منتصف القرن الثاني الهجري، وهي مرحلة التأليف والتصنيف والتراجم. وننتظر في عصرنا الحاضر أن تحدث ثورة ثالثة للحفاظ على اللغة العربية. وأشار إلى أن مشكلة اللغة العربية في أبنائها وعدم ثقتهم بلغتهم، وعدم معرفتهم بتاريخها، "فمحنة اللغة العربية في أبنائها ووقوف البعض على عزلها وقتلها. وأدعو إلى عقد قمة عربية لوضع خطة لتعريب العلوم العلمية في حدود 3 سنوات، ليصبح التعليم باللغة العربية إلزاميا، فما يحدث في وسائل الإعلام المختلفة من بعض المذيعين من تلكؤ في لغته العربية وإبداعه في اللغة الأجنبية أمر مؤثر جدا".
المكتبة العامة بالعاصمة المقدسة، بمشاركة نادي مكة المكرمة الأدبي، احتفت باليوم العالمي للغة العربية بمعرض للكتاب ضمّ ما يقرب من خمسمئة عنوان في اللغة العربية وآدابها وفنونها.
وقال مدير المكتبة حسن علي الزهراني إن المعرض سيستمر لمدة يومين، مؤكداً أن من حق اللغة العربية على المؤسسات الثقافية الاحتفاء بها.
مركز الملك و(Google) يطلقان مبادرة لخدمة "العربية"
الرياض: الوطن
يتجه مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية وشركة (Google) إلى الإعلان عن منصة للتعريف بالمبادرات التقنية التي ينفذها الأفراد من مختلف أنحاء العالم لخدمة اللغة العربية، وينفذ المبادرة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية بالتعاون مع الشريك الرئيس في هذه الفكرة شركة (Google).
الأمين العام لمركز الملك عبدالله الدكتور عبدالله الوشمي قال: إنَّ المركز يستثمر المناسبة احتفاءً باللغة العربية في يومها العالمي، وشعارُه (يومٌ من الاحتفاء لسنةٍ من التخطيط والإنجاز) في إطار منظومة كاملة من البرامج والفعاليات المقررة لخدمة اللغة العربية، كما أنَّ المركز في الشراكة مع (Google) يُحفز الأفراد والمؤسسات على خدمة اللغة العربية في وسائل التقنية والشبكة العالمية (الإنترنت).
المدير الإقليمي للسياسات العامة والعلاقات الحكومية في شركة (Google) سمير البهائي، أشار إلى أن (Google) مهتمة بدعم اللغة العربية وتشجيع المجتمع على زيادة حجم المحتوى العربي على الإنترنت، رغبة في أن يجد المستخدم العربي المحتوى العربي الذي يلبي تطلعاته واحتياجاته، ومن أهم الأدوات التي تسهم في خدمة اللغة العربية وإثرائها هي الأدوات التقنية التي تسهل عملية الإثراء. وتوفر Google العديد من تلك الأدوات حيث تؤْمِنُ بأن (الإنترنت) يلعب دورًا بارزًا في حياتنا اليومية. يذكر أن اللغة العربية تعتبر ثامن أكثر لغة استخداماً على شبكة الإنترنت، وقد نمت بمعدل 2501% ما بين عامي 2000 و2012، ويوجد أكثر من 141 مليون متحدث بالعربية متصلين بالإنترنت من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.