كنا إلى وقت قريب نتحدث عن ولاء اللاعبين وإخلاصهم لأنديتهم التي نشؤوا فيها، وتدرجوا في فئاتها السنية، حتى جاء عصر الاحتراف فتحولت هذه العبارة إلى "نحن في زمن من يدفع أكثر".
لا بأس من ذلك، ولكن اللاعب الذي يردد هذه الجملة، ويلوكها على الدوام مع أبسط مشكلة تواجهه مع ناديه، هل هو يعرف أنه في عصر احتراف، وأن عليه أن يكون لاعباً صاحب أداء متطور، ومنضبطا في سلوكياته؟.
إن نظام الاحتراف الذي يفهمه بعض اللاعبين كما يريدون، ويفصلونه على مقاساتهم، لا يتعارض مع الولاء والانتماء والحب، بل إنك تكون محظوظاً عندما يكون احترافك في ناديك، فهذه ميزة لها مردود معنوي ونفسي على حياتك كلاعب.
وكم أستغرب من بعض اللاعبين الذين يلومون أنديتهم الأصلية التي عرفتهم بالجمهور، وصنعت نجوميتهم، عندما يقولون إن النادي أجبرهم على التوقيع، وهذا ما قرأته في إحدى الصحف على لسان مدافع الأهلي وليد عبدربه.
يا الله!!، إلى هذه الدرجة وصل الحال بـ"وليد"، ليعلن على الملأ أنه لم يكن راغباً في التجديد للأهلي ـ إن كان قال ذلك ـ، أم أنه كلام جرايد، واسألوني عن الجرايد وما يحدث فيها، وهذا يعني أنني أستبعد تماماً أن يكون وليد قد تفوه بذلك.
أقول ذلك، لأنني أعرف أن وليد يعرف ما معنى أن يقول كلاماً كهذا، وهو يعرف أيضاً أن مثل التصريحات تضره ولا تنفعه، وتبعد مسافة الحب بينه وبين جمهور ناديه، وتوتر العلاقة مع المسؤولين في النادي.
وأنا ما زلت عند رأيي أن وليد عبدربه مدافع من طينة المدافعين الكبار، غير أن المشكلة أنه لا يعرف هذه الحقيقة، ويتعامل مع الأمور بمنطق غير احترافي، وهذا ما يعرضه في كل وقت إلى التشكيك في ولائه وانتمائه لناديه.
ومع إيماني بالقضاء والقدر، إلاّ أنني أحب أن أذكر وليد بزملائه اللاعبين الذين غادروا الأهلي في الموسم الماضي، هل استطاعوا أن يكملوا الموسم مع ناديهم الذي انتقلوا إليه، فقد تعرضوا للإصابة، وأمضوا بقية الموسم في منازلهم يتابعون المباريات، كما يفعل الجمهور.
وليس معنى ذلك أنني ضد انتقالات اللاعبين، ولكنني أوجه نصيحة لكل لاعب، ومن ضمنهم ـ وليد ـ، وأقول لهم إن العيب قد لا يكون في إدارة النادي، ولا في جمهوره، ولا في قميص الفريق، ولكنه يكون في مرات كثيرة مرتبطا ـ بك أنت ـ أيها اللاعب.
فهل جعل كل لاعب من هؤلاء لنفسه وقتاً للمراجعة، بمعنى: ماذا قدمت للنادي الذي ألعب له؟، وماذا قدم لي النادي في المقابل؟، وماذا قدمت في المباراة السابقة؟، وكم من نسبة لي في خسارة فريقي للمباريات الأخيرة؟، وكيف أجد تعاملي مع زملائي ومدربي؟ وهل المشكلة التي تعترضني أنا من تسببت فيها، أم النادي؟، وأخيراً، هل أنا راض عن نفسي؟.
إذا فعلت ذلك ستكون لاعباً تتعامل مع العملية بعقلية المحترفين الكبار، وهذا لا يلغي أبداً حقك في المطالبة بحقوقك إن وجدت لك حقوق لدى النادي، حتى وإن كنت ـ ابن النادي ـ، ومن المهم ألاّ تكون الحالات التي تحدث من لاعبين في أندية أخرى مثالاً جيداً للتطبيق.
وفي اعتقادي أن وليد عبدربه، هو وحده الذي يملك قرار بقائه في الأهلي، فليس هناك ناد في العالم يمكن أن "يتوسل" بقاء لاعب، إن لم ير أن في بقائه مصلحة للفريق، وإن كان الواقع عكس ذلك، فليس هناك ما يجبر النادي ـ أي ناد ـ على الاستمرار في صرف رواتب ومكافآت للاعب غير مفيد، فهل فهمتني "يا.. وليد؟".