شدد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة على أن جميع التوصيات التي أفرزها مؤتمر الأدباء السعوديين الأخير، ومن أهمها تأسيس رابطة أو اتحاد للكتاب السعوديين، "قابلة للتمييز". وقال ردا على تساؤلات "الوطن" أول من أمس خلال الاحتفاء به في إثنينية عبد المقصود خوجة بجدة: إن الأندية الأدبية ستبقى أندية أدبية، وإن تحقيق مطالب المثقفين السعوديين يشكل لنا هاجسا في الوزارة. وحول تمويل العمل الثقافي، قال خوجة: الثقافة كانت مظلومة عبر تاريخها، لأنها كانت مرتبطة مع وزارات أخرى تأكل مخصصاتها المالية، فقسم يذهب إلى التلفزيون والإذاعة ومناشط أخرى، لكن مع تأسيس هيئة الإذاعة والتلفزيون وخروجها عن مسؤولية الوزارة فإننا نأمل أن تتحقق الأحلام التي تراودنا.

وتحدث خوجة عن تجربته الحياتية والتعليمية، مارا بخمس مراحل منها، بدءا من ولادته في مكة المكرمة، والتحاقه بالجامعة لدراسة الكيمياء حتى حصوله على الدكتوراه، والمهام التي تسلمها، بدءا من التدريس في الجامعة إلى إدارة وكالتها، ثم اختياره أول سفير للمملكة في روسيا، وصولا إلى تسلمه وزارة الثقافة والإعلام. وبدأ حديثه بقصيدة يتحسر فيها على سبعين عاما من العمر.

وفي حديثه تطرق خوجة لوسائل الإعلام الحديثة واصفا الوضع بأن لكل شخص عالمه الذي لا يستطيع أحد منعه منه حسب ثقافته وميوله، وبالتالي فإن كل شخص هو وزارة إعلام، فقد تغيرت اللعبة الإعلامية وبدلت مفاهيم السلطة الإعلامية القديمة. فإذا كانت الصحافة الورقية قد أبرزت سلطة رئيس التحرير، فإن الصحافة الإلكترونية قد قوضت هذه السلطة. والأمر نفسه ينطبق على التلفزيون والراديو. فعالمنا اليوم قد أسس ما يمكن تسميته "ديموقراطية المعلوماتية"، بعد أن قوضت التقنيات الحديثة المؤسسات الإعلامية التقليدية، وقضت على النخبوية. ونحن نعترف بأننا ننتمي إلى مؤسسات إعلامية تقليدية. لقد كنا نقول إن العالم قرية كونية صغيرة. اليوم يمكن أن نقول إن العالم أصغر من ذلك بكثير، فهو بحجم الهاتف المحمول.

وفي مداخلته انتقد الدكتور عبد الله مناع القناة الثقافية قائلا: كلفني الوزير بمتابعة القناة الثقافية والكتابة عنها. ومع أنني لم أتابعها كثيرا، لكنني بما قد شاهدته أستطيع أن أقول إنها "قناة صومالية" فقد تتابعها لعشر ساعات ثم لا تجد فيها شيئا من الثقافة، فكأنها تبث من مقديشو، لذلك هي تحتاج إلى تصحيح. وتابع المناع: أريد أن أوضح أن الثقافة في أولوياتها هي مسرح وسينما، وهما مفقودان عندنا، فلدينا مسرح نقدمه في المناسبات وكيفما اتفق، لندعي أن لدينا مسرحا، وقد أقيم مهرجان للسينما في جدة ثم توقف، فالمطلوب أن نفعل شيئا من أجل السينما والمسرح. نحن نبالغ في أكاذيبنا حين نقول إن لدينا مسرحا وسينما، فلا بد من حل هذه الإشكالية.

وأثار أحد الأسئلة حفيظة خوجة، حيث طالبته إحدى الكاتبات بإعادة النظر في انتخابات الأندية الأدبية، لأنها أوصلت أشخاصا لا علاقة لهم بالثقافة، على حد تعبيرها، ليرد خوجة: سؤالك مستغرب، فقد طالبت النخب بالانتخابات، والوزارة لا تتدخل في شؤون الأندية. لقد فتحنا باب التجربة بشجاعة لنفكر بما هو أوسع منها، وهذه انتخابات ديموقراطية، فتركنا لكم الجمل بما حمل، لديكم جمعية عمومية، فأنتم الذين انتخبتم هؤلاء، ولا يمكن تغيير هذه النتيجة. فالجمعية العمومية هي وحدها القادرة على تغيير هذه النتيجة. وأنا لا أستطيع أن أرفض نتائج انتخابات تمت بصورة صحيحة.

ووصف خوجة أحد الأسئلة عن تصنيفات عقدية وسياسية في مواقع التواصل الاجتماعي بأنه سؤال يمس الجرح، وقال: نحن نواجه هذه المعضلة على مستوى الدولة، في مواقع التواصل الاجتماعي. أحيانا نشعر بالصدمة لما يحدث، وأحيانا نقول إنها تجربة يجب أن تعطى الفرصة، فكل شخص أصبح بذاته وزارة إعلام، وهذا يأتي على جميع المستويات والطبقات، ونحن بالتأكيد لا نعيش في المدينة الفاضلة، بل في مجتمع يمتلئ بالمتناقضات. وهذه طبيعة أي مجتمع. بالتأكيد لا أحد يستطيع السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والوزارة وضعت ضوابط للنشر الإلكتروني. وهناك أيضا لجان قضائية يمكن للمتضرر اللجوء إليها، وهناك جهات معنية بالجرائم الإلكترونية. نحن نريد أن تعبر الناس عن أنفسها بصورة مسؤولة. التحدي الذي واجهناه أننا فوجئنا بوجود إقصائية وطائفية وقبلية وعنصرية. ونحن قمنا بتحليل هذه الظواهر ووجدنا أن عدد هؤلاء ليس مخيفا، وأمثالهم موجودون في كل مجتمع. وقد كانت هذه الأمور موجودة في الشارع، وصرنا نراها على المواقع الإلكترونية.