ـ 1 ـ

تشكل السياحة وزيارة البلدان متعة كبيرة لمن يعشقون الاستكشاف، ولعل المتاحف تأتي في مقدمة ما يفكر المرء في زيارته بأي بلد يرتاده.. فالمتاحف تقدم صورة عن تاريخ البلد ومختلف مراحله الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، لذلك يصعب التفكير بزيارة مكان ما بدون التعريج على بعض متاحفه. وإن أتينا إلى متحف عالمي كاللوفر الفرنسي أو الأرميتاج الروسي أو الميتروبوليتان الأمريكي لوجدنا أن المرء يحتاج عدة أسابيع كي يرى كل محتوياتها المعروضة بشكل متقن ومنظم بحسب العصر والمكان والحضارة..

هكذا تقدم الشعوب المتطورة متاحفها وتستقطب الناس من كل حدب وصوب.. أما الذين لا يجيدون فنّ "المتاحف" فهم "خارج التغطية" سياحياً..!..

ـ 2 ـ

ذات زمن استعماري جاء الغربُ المتقدم تقنياً وعسكرياً فاحتلّ الشرقَ ونهب كثيراً من تاريخه. لم يكتفِ الغرب بإحضار آلته العسكرية القاتلة والمدمرة، بل جلب آلة الحفر والتنقيب.. وكلما اكتشف "لقية" أثرية أرسلها إلى بلده.. حتى أُتخمت متاحفهم بتاريخ الشرق. كذلك ظهر المستشرقون وأبحروا في حضارة الشرق.. وبرغم مرور السنين، ما زال الشرق سحرا في عيون الغرب.

ـ 3 ـ

في اللوفر والميتروبوليتان وغيرهما عبق من تاريخ الشرق.. فهل يفكر الأحفاد في الغرب بإعادة ما سلبه الأجداد من الشرق؟

ـ 4 ـ

تشتهي أن تضع الموظفين الذين أنهكتهم البيروقراطية في متحف لكثرة ما يعقدّون معاملات الناس.

ـ 5 ـ

تخطئ إذ تقول: أتحف الشاعر الحضور بمجموعة من قصائده الحماسية.. لأن زمن القصائد الحماسية قد ولّى!

وتخطئ أيضاً إذ تقول: أتحف المطرب جمهوره بمجموعة من أغنياته الجديدة.. لأن زمن الطرب بدوره قد ولّى، وجلّ من في الساحة الفنية ليسوا مطربين بل مغنّين!

وتخطئ أيضاً إذ تقول: أتحفني فلان بهدية قيّمة، لأن المصالح سيطرت على الناس ولم يعد أحد يتحف أحداً بهدية إلا لمصلحة!

ـ 6 ـ

سألوا الروائية الإنجليزية أجاثا كريستي عن سبب زواجها من أحد علماء الآثار فأجابت بسرعة بديهة: لأني كلما كبرت ازددت قيمة عنده.

ـ 7 ـ

كثيرة هي التحف التي تزين منزله وحياته.. تحف يبصرها كلما التفت يمنة ويسرة..

ثمة تحفة وحيدة لا يراها لكنها تعرّش في جنون لحظاته، وهو حين يلتقط تحفة "أنفاسها" يهيم ويحلّق ويتنفس بها فيتدفق الجمال إلى خلاياه..