بلغة الأرقام، وجه أعضاء مجلس الشورى انتقاداتهم لوزارة الصحة، معتبرين أن الوزارة لم تنجز سوى 59% من عدد الأسرة المستهدف في خطة التنمية الخمسية الثامنة، وسط مناقشات اتسمت بالحدة حول الوضع الصحي في المملكة وأداء الوزارة، وهو ما أدى إلى دعوة الوزير لمناقشته تحت قبة المجلس.

وطالب أعضاء الشورى في جلسة أمس أثناء مناقشة تقرير لجنة الشؤون الصحية والبيئة، بحضور وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة لتوضيح مبررات الواقع الحالي للخدمات الصحية وعرض أسباب تعدد مواطن الخلل في الوزارة، فيما أشار آخرون إلى أن الخطة الخمسية الثامنة حددت الوصول إلى 56 ألف سرير بنهاية الخطة، غير أن عدد الأسرة الحالي لم يتجاوز 31 ألف سرير، وأن الوزارة لم تنجز سوى 59% من الرقم المستهدف في خطة التنمية التي لم يتبق على نهايتها إلا عام واحد، يستحيل خلاله أن تفي بهذا الرقم.

وأوضح عدد من الأعضاء أن المستشفيات الحكومية لا يلجأ إليها إلا المضطر الذي لا يملك المال الكافي للذهاب للمستشفيات الخاصة، وأن من حق المواطن التساؤل عن مصير المليارات التي تصرف كل عام، مشيرين إلى وجود نقص شديد في بعض التخصصات الصحية، فيما بقيت نسبة بعض المتخصصين مثل متخصصي العلاج التنفسي ضعيفة، ولا تتجاوز متخصصا واحدا لكل 25 مريضا، وهو الواقع الذي يتطلب دعم البرامج التعليمية الصحية المتخصصة التي تلبي هذه التخصصات.

وطالب عضو آخر بدعوة وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة للحضور إلى المجلس ليوضح مبررات الواقع الحالي للخدمات الصحية، وعرض أسباب تعدد مواطن الخلل في الوزارة، واستعراض عدد من الملفات التي تتطلب استيضاحاً من الوزير، ومنها المشاريع المتعثرة ورداءة الخدمات الصحية، خصوصاً في المراكز الصحية، ونقص المتخصصين، وطول فترة انتظار المواعيد، وملف العلاج في الخارج.

وقالت إحدى العضوات إن الأخطاء الطبية تتطلب من وزارة الصحة أن تتبنى آلية جديدة لكشفها ومعالجتها، مؤكدة أن عدد الأخطاء غير المكتشفة يفوق تلك المكتشفة، لكن أغلب المرضى لا يتقدمون بشكوى لعدم علمهم بطبيعة الخطأ ومضاعفاته، أو جهلاً منهم بحقهم في التقدم بالشكوى، مقترحة أن تضع الوزارة نظاماً صارماً ودقيقاً يكشف الخطأ الطبي دون الحاجة إلى شكوى المريض.

من جانبه، طالب عضو آخر بعقد شراكات استراتيجية مع بيوت خبرة ومراكز متخصصة للنهوض بواقع الرعاية الصحية والاستفادة من الخبرات العالمية في مجال إدارة المستشفيات.

وطالبت اللجنة في توصياتها وزارة الصحة بتبني خطتها التشغيلية السنوية لمكونات خطتها الاستراتيجية وأسسها وجدولها الزمني، وأن تضع خططاً استرتيجية وتشغيلية محددة ومقاسة للصحة العامة وصحة البيئة والصحة المهنية وإشراك القطاعات الأخرى ذات العلاقة في رسم استراتيجية الخدمات التي ستقدمها المراكز التخصصية التي تم اعتمادها لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة لتكون محققة لشمول وتكاملية الخدمات وفعاليتها، وتنسيق الخدمات والمشروعات الصحية لذوي الاحتياجات الخاصة.

إلى ذلك، وافق مجلس الشورى في جلسته برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور محمد بن أمين الجفري على تعديل بعض مواد نظام العمل، ولاسيما المادة 55، حيث انحاز المجلس إلى جانب العامل، وقرر الإبقاء على النص الوارد في نظام العمل الحالي مع زيادة مرات التجديد ومدته، وذلك وفق النص التالي "ينتهي عقد العمل محدد المدة بانقضاء مدته، فإذا استمر طرفاه في تنفيذه عد العقد مجدداً لمدة غير محددة، وإذا تضمن العقد المحدد المدة شرطاً يقضي بتجديده لمدة مماثلة أو لمدة محددة، فإن العقد يتجدد للمدة المتفق عليها، فإذا تعدد التجديد ثلاث مرات متتالية أو بلغت مدة العقد الأصلي مع التجديد أربع سنوات، ـ أيهما أقل ـ واستمر الطرفان في تنفيذه تحول العقد إلى عقد غير محدد المدة".

وأكد الدكتور الجفري أن عدد المواد التي اقترحت الحكومة تعديلها بلغ 52 مادة من مجموع مواد نظام العمل الحالي.

من جهة أخرى، قرر المجلس مطالبة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية باستقطاب باحثات سعوديات للعمل في القطاعات المختلفة في المدينة، وتوفير اعتمادات مالية، ووضع آليات عمل لدعم مشاريع الشباب السعودي البحثية لابتكار تقنيات ومشاريع إبداعية جديدة. كما أكد المجلس على قراره السابق بوضع آلية تضمن توفر المعلومات الخاصة بمؤشرات العلوم والتقنية وتحديثها، مطالباً وزارة المالية بالإسراع في تحويل مخصصات المشاريع التي تمت الموافقة عليها من قبل اللجنة الإشرافية للخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار مباشرة إلى حساب الجهات المشاركة في تنفيذ الخطة. كما وافق المجلس على توصية إضافية قدمها عضو المجلس الدكتور سلطان السلطان، تطالب بفصل براءات الاختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في جهاز مستقل تحت مسمى "الهيئة الوطنية للملكية الفكرية". ووافق على توصية إضافية أخرى قدمها عضو المجلس الدكتور عبد الله الجغيمان تدعو إلى إعطاء برنامج (بادر) الاستقلالية الإدارية والمرونة الكافية لإدارة موارده بصورة مستقلة عن المدينة، وتمكين الجهات ذات العلاقة الاستراتيجية والفنية من المشاركة في تملك وإدارة الحاضنات التقنية والصناعية وحاضنات الأعمال.

وخلال مناقشة المجلس لتقرير لجنة الشؤون الثقافية والإعلامية، ناقش توصيات اللجنة التي طالبت بتحويل جميع مقتنيات المكتبة المطبوعة إلى أوعية إلكترونية، فيما رأى أحد الأعضاء أن توفير المؤلفات على شبكة الإنترنت يتطلب حل قضايا حقوق المؤلف وحقوق الناشر ودراسة تأثير ذلك على مبيعات الكتب التي تعاني أصلاً من تراجع أرقامها. وأبدى عضو آخر استغرابه لمطالبة المكتبة بدعمها لتتمكن من افتتاح المزيد من الفروع؛ بينما لم تذكر عدد روادها والمستفيدين من الخدمات التي تقدمها، ليقدر المجلس مدى الحاجة لمثل هذا الطلب.