بين الحين والآخر تطالعنا صحفنا المحلية بإعلانات عن طرح مشروعات في منافسات عامة وفق ضوابط معينة، وما يحدث في كثير من الأوقات يختلف مع ما يطرح في المنافسات عما ينفذ في الواقع، وسيكون التركيز في هذا المقال على مشروعات البلديات والأمانات التي نجدها في الإعلانات، أو المنافسات التي تطرح في هذه الإعلانات، وفي الغالب لا تخرج هذه المنافسات عن مشروعات محددة، ومكررة كل عام مثل تحسين مداخل المدن، أو المحافظات، أو المراكز، أو إعادة سفلتة بعض الشوارع في أجزاء مختلفة من المدينة، أو تسوير مقابر، أو درء مخاطر السيول، أو إنارة شوارع، وطرق في المدينة، أو إنشاء حدائق عامة، أو توريد سيارات ومعدات خدمية لهذه الجهات، وغير ذلك من الإعلانات في هذا المجال، وآخر ما نراه عن هذه المنافسات في أغلب الأوقات لا تتعدى طرحها في المنافسة فقط.

وعند الحديث عن مشروعات تحسين مداخل مدننا، ومحافظاتنا نجد أن عدد هذه المداخل محدود ولا يتعدى عدد الجهات الجغرافية، وهذه المداخل تعاني من عدد من المشكلات منها عدم توافر الإنارة بشكل كاف، والحفر في الشوارع بمقاسات مختلفة، وتشقق الأسفلت، والمطبات غير الضرورية المنتشرة في أنحاء مختلفة من مداخل مدننا، وغير ذلك من المشكلات التي تعاني منها مدننا، وفي كل عام وبعد صدور الميزانية نرى هذه الإعلانات المخصصة لطرح مشروعات حيوية في منافسات، وبذلك يتوقع أن تكون مداخل المدن، والمحافظات في أحسن حال مما هي عليه، ولكن الواقع أن هذه المنافسات لا تتعدى أن تكون منافسات على الورق في أغلبها، ولا نراها على الواقع المعاش، أما مداخل مدننا فأغلبها لا يختلف كثيرا عن حالها بعد تنفيذها في أول مرة، مع أن هناك مشروعات مخصصة لتطوير هذه المداخل في ميزانية كل عام، فعندما يتم صرف المبالغ على تحسين المداخل بشكل حقيقي يتم تحسين مداخل مدننا، فعلى سبيل المثال عندما يتم تحسين مدخل واحد رئيس للمدينة فقط في كل عام (ميزانية) وبشكل جيد نجد أنه بعد أربع سنوات تكون مداخل مدننا ومحافظاتنا في أحسن حال، وفي مجال تسوير المقابر نجد أن هناك مشروعات تطرح للمنافسة مخصصة لتسوير المقابر في كل عام في مختلف مناطقنا، وعملية تسوير المقابر في الغالب تتم من قبل فاعلي الخير، والأمانات، أو البلديات التي لم تقم بتسوير إلا مقبرة واحدة، أما المقابر الأخرى فيتم تسويرها من قبل أشخاص، أو مؤسسات بهدف الاحتساب، أو الأجر، ولا يتم تشغيل، أو صيانة هذه المقابر، أو حراستها، بل تكون أغلب المقابر مفتوحة، ولا توجد بها مغسلة أموات، أو حراسات، أو أي خدمات أخرى.

وعند الحديث عن إعادة السفلتة لشوارعنا التي تعاني عددا من المشكلات نجد أن السفلتة، أو إعادة السفلتة لا تتعدى كونها منافسة على ورق، ولا تتم إعادة السفلتة إلا بعد أن تكون أغلب شوارعنا غير مناسبة لحركة المركبات، وبعدما يتم التذمر بشكل كبير من المواطنين، وفي الغالب تقوم مؤسسات غير مؤهلة، أو ليست لديها خبرات في هذا المجال بعملية السفلتة، ولذلك نجد دائما نوعية السفلتة غير جيدة، ولا تدوم طويلا حتى تظهر عيوبها مرة أخرى.

أما مشروعات درء مخاطر السيول فلا يكاد يخلو أي إعلان عن طرح منافسة من هذا النوع من المشروعات، أو الجوانب المرتبطة بها، ومن يتابع هذه الإعلانات ومشروعات درء مخاطر السيول، أو الأمطار وهو لا يعرف ظروف المناخ في المملكة يعتقد بأن أمطار المملكة لا تقتصر على موسم معين بل هي على مدار العام، وتقع جميع مدننا في مناطق تتساقط عليها الأمطار بكميات كبيرة، وفي الواقع لم أر في مدينتي على وجه التحديد مشروعا واضحا ومحددا تم تنفيذه يعالج هذا الجانب بشكل كبير، ولنا أن نتذكر ما حدث في جدة، والرياض، وتبوك، وغيرها من المدن التي عانت في السنوات القليلة الماضية من مشكلات الأمطار، والسيول، وعانت هذه المدن بشكل كبير، وهذه هي المدن الكبيرة والتي يتوقع أن تكون فيها مشروعات درء مخاطر السيول والأمطار منجزة من سنوات عديدة؛ فماذا سيكون عليه الحال في المدن الأخرى والمحافظات التي لا توجد بها مشروعات لدرء مخاطر السيول على الطبيعة؟ وبعد نزول المطر بكميات كبيرة تظهر عيوب مشروعاتنا التنموية مع أنه بالإمكان تلافي هذه العيوب في أثناء التخطيط، والتنفيذ لمثل هذه المشروعات منذ البداية، وفيما يتعلق بمشروعات الحدائق نجد أن هناك أراضي مخصصة للحدائق في بعض المخططات، وإذا لم يتم إنشاء حدائق عليها لفترة من الزمن يتجرأ عليها المجاورون لها حتى تختفي، ولا يكون لها أثر مع العلم أن بعض المنافسات تخصص لإنشاء حدائق عامة، والأمثلة على هذه الإعلانات عن المشروعات، والمنافسات عديدة، خاصة في المجالات الخدمية التي يحتاجها سكان المدن والمحافظات والهجر على حد سواء.

وهنا أرى أن دور الجهات الرقابية على المشروعات التنموية، والخدمية يجب أن يخضع لمتابعة دقيقة من قبل الجهات المسؤولة في البلديات، والأمانات، وأيضا الجهات الرقابية الخارجية مسؤولة أيضا عن متابعة المشروعات التي يتم طرحها في منافسات بحيث يتم تتبع هذه المشروعات، ومدى الالتزام بتنفيذها كما تم طرحها، وعدم تحويل هذه المشروعات، إلى مشروعات أخرى، أو نقلها من جهة إلى أخرى، وأنا على يقين بأنه في حالة تنفيذ جميع المشروعات التي يتم طرحها في منافسات عندما تتقدم شركات، ومؤسسات مؤهلة أن يكون حال شوارعنا، وحدائقنا، وتصريف مياه الأمطار أفضل بكثير مما هو عليه، وحقيقة الأمر أن هذا ما هو إلا نتيجة حتمية لغياب التخطيط المبني على دراسات علمية تعكس الواقع، والتفرد في القرارات، وتحويل المشروعات إلى مشروعات أخرى ليست لها علاقة بما هو مطروح للمنافسة، أو مخطط له. كما لا بد أن نميز بين المبالغ المخصصة للصيانة في هذه الجهات، والمبالغ المخصصة للمشروعات الجديدة، التي قد لا نراها في كثير من المدن سواء على مستوى الصيانة، أو المشروعات الجديدة.