بعد عملية فصل التوأم السيامي العراقي، تحدث وزير الصحة في مؤتمر صحفي بكل زهو، واصفا مراحل عملية الفصل بدقة. هذا جيد ومصدر فخر لنا جميعا. غير الجيد عندما يأتي الحديث عن "فيروس كورونا"، فتتوقف المايكروفونات عن العمل، ويترجل الوزير عن المنصة، ويكتفى ببيانات صحفية وتصريحات "تطمين" عابرة لا تزيد الأمور إلا غموضا!.
رسميا.. سجلت وزارة الصحة السعودية 68 حالة وفاة و189 إصابة بـ"فيروس كورونا"، وهي النسبة الأعلى في الإصابة على مستوى العالم. هذه الحقيقة المفزعة لم تشفع لمسؤولي "الصحة" حتى الآن بالتحدث إلى المواطن بشكل صريح ومباشر، حتى خيّل إلينا من شدة التعتيم أنه متعلق بأسرار عسكرية لا بالصحة العامة!.
فمن غير المعقول ألا يعقد مؤتمر صحفي حتى الآن، لذا الغالبية لا تعلم ماهية خطط وزارة الصحة تجاه هذا الفيروس ـ إن كانت هي تعي ما تفعل ـ عدا وضع المنشورات التوعوية على الموقع الرسمي وعداد الإحصاء "الرسمي" لضحايا "كورونا"!.
لا أحد يشك في حرص وزارة الصحة للقضاء على هذا الفيروس، لكني كربّ أسرة يختلط وأطفاله بالآخرين في مدارسهم وغيرها، لم تقنعني اللغة التي تخاطب بها "الصحة" الجمهور، وإن ظن مسؤولوها أنها كافية لتبديد المخاوف فهم واهمون.
هذه اللغة لم تعد مجدية في عصر المعلومة، بل هي وباء بحد ذاته يجب القضاء عليه أيضا في الخطاب الإعلامي. فإن لم تنجح "الصحة" حتى الآن في التعامل مع هذا الفيروس كما ينبغي، فيجب ألا تفشل على الأقل في التعامل معه إعلاميا، وإلا سيزداد حنق الناس أكثر!.
إن كانت للأرواح قيمة، فيجب أن تتعامل وزارة الصحة بجدية مع الوضع، وتغير من خطابها الإعلامي. وعلى وزيرها ـ وهو المؤتمن على حياة الملايين ـ أن يفتح قناة للتواصل معهم بكل شفافية، قبل أن يضطروا للبحث عن المعلومة من مصادر أخرى لا تخلو من إشاعات قد تتداول بشكل أسرع من "فيروس كورونا" نفسه!.
معالي وزير الصحة: اُخرج إلى الناس، وتحدث إليهم بصدق ووضوح .. فهم ينتظرون!.