لن نفقد الثقة في أطبائنا.. سعوديين وأجانب ولن نشكك في الرجال المخلصين.. أطباء ومستثمرين من أصحاب المستشفيات والمراكز والعيادات والمستوصفات الصحية، وأجزم بأن جميعهم رجال مسلمون يخافون الله ويتقونه.. أقسموا اليمين على أداء واجبهم بأمانة وإخلاص ولا أعتقد ولا أتصور أن هناك من يتجرأ على القيام بأي عمل يستهدف أي فرد من أفراد المجتمع سعوديا أو مقيما ينتهي إلى قتل النفس البشرية بدون سبب، علماً بأن الجميع معرضون للخطأ أو معرضون لمواجهة أخطاء لبعض العاملين لديهم.

إن ثقتنا كبيرة في العاملين في المجال الصحي في المملكة وعلى رأسهم وزير الصحة الذي له تاريخ مشرف وإنجاز عالمي في تخفيف الآلام ورفع معاناة الأطفال الملتصقين جسديا من الولادة محلياً ودولياً. كما هي ثقتنا في زملائه في الوزارة من مسؤولين وتنفيذيين وهم رجال لهم تاريخ طويل في المجال الطبي والصحي في المملكة، ومع ذلك فهم ليسوا معصومين من الخطأ.

واليوم أنتهز هذه المقدمة والتي أؤمن بها ولا يوجد ما يدفعني إلى النفاق لوزير الصحة وزملائه في موضوع يهم أرواح أفراد المجتمع وهو موضوع (فايروس كورونا). الفايروس الذي وجدته بعض وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مادة ثمينة للإدلاء بآرائهم، وإن كان تداولهم لموضوع هذا الفايروس ينطلق من حرصهم واهتمامهم وخوفهم على صحة المجتمع والمشاركة بالآراء والاقتراحات أو تحذير المجتمع من الوقوع في الخطر سواء من أماكن معينة أو مراكز أو مستوصفات أو مستشفيات حكومية وخاصة. ويتجه البعض في الوسائل الإعلامية الإلكترونية غير الرسمية إلى تهويل وتضخيم قضية الإصابة بالفيروس ولا شعورياً أو بطريقة غير مقصودة تصل الرسالة إلى المجتمع فتفهم بطريقة خطأ تؤدي إلى حالة من الفزع والقلق والخوف عند الكبير قبل الصغير وعند المرأة قبل الرجل وعند الشاب قبل الطفل، أما غير المتعلمين وغير المثقفين فتصبح الأمور لديهم كارثية لدرجة يفكر البعض في الخروج من مدينة جدة أو عدم القدوم إليها أو البقاء في المنزل وعدم الخروج منه، رغم أنه أمر لم يصل إلى مرحلة (الوباء).

لهذا فإنني أتمنى على المتعاملين مع وسائل الإعلام بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي الرجوع إلى المصادر الرئيسية الرسمية لاستقاء المعلومات، وأخص في هذه الحالة وزارة الصحة وهي الجهة المعنية التي خصصت موقعا على مدار الساعة لنشر كافة المستجدات لوضع الفايروس كرونا وتتضمن عدد حالات الإصابة ومواقعها ووضع المستشفيات والمراكز الصحية وهي معلومات موثقة يصعب التشكيك في مصداقيتها، وأية معلومات منشورة في الموقع مسؤول عنها وزير الصحة أولاً قبل أي موظف وضع المعلومة. لأنه يفترض أن يكون على علم بها، وحسب تصريح وزير الصحة مؤخراً.. أن هناك تنسيقا مستمرا بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية والهيئات العلمية الوطنية للأمراض المعدية، وأن الأمر ليس متسترا عليه وهناك جهود كبيرة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي تدرس حالة هذا الفايروس (كورونا) الذي ما زال غامضاً في العالم، ولم تعرف حتى الآن معلومات مؤكدة عن كيفية انتقاله وما هي نوعيته ولم يستطع العلماء حتى الآن إيجاد لقاح أو علاج خاص به.

ورغم اعتراف وزارة الصحة بوجود الفايروس وبعدد حالات فايروس كرونا وزيادة أعداد المصابين خلال الأسابيع الماضية في مدينة جدة إلا أن جميع التقارير الطبية تؤكد أن عدد الحالات لم يصل إلى حد بالإمكان اعتباره "وباء" حسب معايير منظمة الصحة العالمية والمنظمات الأهلية الطبية في العالم.

وهذا يدفعني اليوم من منطلق إنساني أن أدعو زملائي وإخواني وأبنائي في مواقع التواصل الاجتماعي وفي جميع وسائل الإعلام إلى المساهمة في تخفيف حدة توتر وقلق وخوف واضطراب أفراد المجتمع في مدينة جدة أو في أي مدينة في المملكة تجاه فايروس كرونا الذي لم يصل إلى حد الوباء وهو فايروس موجود منذ عام في بعض مناطق المملكة، وهذا لا يعني أن نغمض أعيننا عن قضية مهمة للمجتمع بأكمله، وإنما تضخيم الموضوع يؤدي إلى حالة من الذعر عاشها المجتمع خلال الأسبوع الماضي. كما أتمنى أن نوحد مصدر المعلومات الرسمية في موقع وزارة الصحة ونحاسب الوزارة على معلوماتها لو كانت غير دقيقة. لأن نشر المعلومات غير الدقيقة سيسبب ذعرا وقلقا حتى للمرضى والعاملين في المستشفيات ولأفراد المجتمع. وسنعمل جميعاً على متابعة الجهود المبذولة من وزارة الصحة والأجهزة المعنية التابعة لها بما فيها مستشفيات القطاع الخاص.

إن إثارة الإشاعات وتوجيه التهم لن تخدم القضية بل سوف تؤزم الموقف في المجتمع، وإنما المشاركة بالرأي العلمي والبحث الطبي قد يساعد في إيجاد الحلول العاجلة.