من خلال مشاهداتي أستطيع القول بأننا نجحنا نوعا ما في تحريك عجلة التحول نحو المجتمع المعلوماتي. قبل سنوات قليلة ماضية، على سبيل المثال، كان طلاب الجامعة لا يكترثون لوجود بريد إلكتروني لهم. اليوم الكل تقريبا لديه بريد إلكتروني يستطيع من خلاله التواصل مع أستاذ المادة وبقية الطلاب. الجامعات السعودية ساهمت بشكل كبير في هذا المجال من خلال دعمها لأساتذة وطلاب الجامعة ليس فقط في استخدام التقنيات المتوفرة في التعليم بل في تشجيع الكشف عن طرق وحلول جديدة لتصميم بيئة خصبة للإبداع والتعلم من خلال استخدام أكفأ الوسائل التقنية والتي تلبي احتياجات الجيل القادم من المتخرجين.

اليوم، وفي كثير من جامعاتنا، وعبر تسخير آليات الاتصال المتوفرة كالحاسوب والشبكات والوسائط المتعددة وبوابات ومواقع الإنترنت، اختلفت متطلبات المواد الدراسية جذريا عن الكثير من أساتذة الجامعات. في السابق كانت في مجملها اختبارات دورية ونصفية ونهائية. اليوم أصبح الطالب مطالبا بأن يغرف من معين المعرفة من مصادر عديدة أهمها شبكة الإنترنت. اليوم يتم تكليف الطلاب بأعمال كثيرة ومتنوعة لم نكن نحلم بإنجازها. اليوم تسعى كل الجامعات السعودية لإيجاد البيئة السليمة التي تساعد الطلاب لاستخدام حاسبات آلية متقدمة والدخول إلى شبكة الإنترنت في جو مريح وجاذب للطالب ليقوم بأداء كافة المتطلبات من تقارير وأبحاث وعروض ومواقع ومدونات إلكترونية وبشكل يضمن التنفيذ بأسرع وقت وأقل تكلفة تكنولوجيا.

اليوم، وعبر قاعات المحاضرات الذكية أصبح عاديا أن نرى الأستاذ والطالب في حالة تفاعل ونقل للمعرفة عبر استخدام أفضل التطبيقات التي يحويها الحاسب الآلي. وبهذه التطبيقات المختلفة أصبحت المحاضرات غير مملة وأصبح الطالب شبه محترف في إدارة هذه التطبيقات بشكل يجعله يستمتع بإنجازاته وهي تتراكم أمام عينيه. اليوم، أكاد أجزم بأن أيام استعانة الطالب بناسخ لطباعة أبحاثه قد ولت إلى غير رجعة، طالب اليوم يجلس أمام الحاسب متصلا بكافة أفرع المعرفة عبر الشبكة لإنجاز متطلبات المواد. أقول هذا لأنني ألاحظ التغيير المتزايد في أعداد المستخدمين لهذه التطبيقات والتقنيات. طالب اليوم يستمتع بالمواد الدراسية التي تدخل في إطارها التطبيقات الإلكترونية التي تساعده على إنجاز الأمور بشكل ينمي المهارات التي تحتاجها وظيفته المستقبلية. ويسعد الفرد منا لذلك لأنه يتوقع لهذا الجيل من الطلاب أنهم سيكونون من طلائع المجتمع المعلوماتي في المملكة.

التحديات أمام الجامعات كثيرة.. لكن العجلة بدأت في الدوران.. الجامعات بدأت تتشدد في متطلبات الدخول ومتطلبات الحفاظ على كرسي الجامعة. وإن كان هناك سلبيات بسيطة في هذه الأنظمة إلا أنه يتم تلمسها ومعالجتها. هذا التغيير الذي نلمسه اليوم في الطالب جاء نتيجة التغيير في مكونات البيئة الجامعية التي يعيشها الطالب والتي من أهمها الأستاذ الجامعي. الكثير من أساتذة اليوم يتلمسون ويتكيفون مع طرائق التعليم والتكنولوجيا الجديدة وما يستجد في محتوى شبكة الإنترنت. قصص النجاح كثيرة ومتعددة الأوجه. أصبح من الطبيعي اليوم أن يرسل الأساتذة لطلابهم، عبر البريد الإلكتروني مقالات وبحوثاً وروابط إلكترونية لكثير من المواضيع إضافة إلى مقاطع أفلام و"الفيديو كليب" ذات العلاقة بالمادة العلمية والموجودة في مواقع مثل الـ "يو تيوب" لمناقشتها في قاعات الدراسة. هذه الوسائل تلقى ترحيبا بين الطلبة وتعطي بعدا جديدا للتعليم وتزيد من حماستهم في النقاش مما ينعكس إيجابا في فهم المادة العلمية.

مخرجات الجامعة بهذه المواصفات أو أعلى لا يمكن توفيرها إلا من خلال التجهيزات والبنى التحتية القادرة على هذه المخرجات. معظم طلابنا يتوقون لعملية تعلم تفتح شهيتهم وتثير فيهم التحدي للإنجاز. جامعاتنا قامت بدور مشهود في توفير كثير من الإمكانات للطالب والأستاذ. عدد من الجامعات سلمت الأستاذ الجامعي حاسبا مكتبيا وحاسبا محمولا مع توصيلة إنترنت سريعة في مكتبه ودورات سهلت عليه عملية استيعاب التقنية الحديثة وتكييفها لتلائم متطلبات المواد التي يدرسها. كذلك ساهمت نخبة مميزة من القطاع الخاص في بناء معامل الحاسب الآلي والمكتبات الرقمية وغيرها. كل هذه الإسهامات كان وما زال لها كبير الأثر في صقل خبرة طلاب الجامعة في مجالات الحاسب الآلي والشبكات والتطبيقات. اليوم، ومع دخول الحاسب والإنترنت كافة أوجه الحياة التي نعيشها، لا بد من القول بأن تكثيف التوجه نحو التعليم الإلكتروني أصبح مطلبا أكثر إلحاحا من ذي قبل للاستمرار في تحسين مخرجات الجامعات ليكونوا أكثر ملاءمة لمتطلبات سوق العمل السعودي.