إن مؤسّس كنيسة "دوف" بولاية فلوريدا، الأسقف جونز يحاول أن يدخل عالم الشهرة من بوابة العداء للإسلام، وهذا ليس بالأمر الجديد فهنالك قائمة طويلة من قبله، إنه يريد استغلال ذكرى 11 سبتمبر، بتحويله إلى يوم يثير فيه الكراهية والتفرقة ليس فقط على المستوى المحلي بل العالمي أيضا، وذلك من خلال إطلاق حملته ذات شعار: " اليوم العالمي لحرق القرآن"، حيث يقول بدعوته الإجرامية تلك محدثا أتباعه: "إننا نقوم بذلك للتحذير والتوعية فقط (لم نكن نعرف أن التوعية تتم بحرق الكتب السماوية!) وليس لشيء آخر (طبعا أكيد)، وإياكم أن تظنوا أنها حملة كراهية (أعوذ بالله، أبدا أبدا، أكمل وأتحفنا)، إنها فقط لبيان خطورة تعاليم الإسلام "التي نكرهها لأنها تستحقّ ذلك" (غريبة!! قد يعتقد المرء أنها حملة سلام، ولكنه بقوله هذا يلفت النظر ويجعل العاقل منا في حيرة حقا!)، نحن لا نكرهكم أونكره أي شعب من الشعوب، (كيف تكرهون؟ أنتم حمام السلام!) بل نحب الجميع كما علمنا الرب، (الظاهر أنكم لم تتعلموا أي شيء!) لكننا نحب أن تتعرف الشعوب على الحقيقة، (والدليل جهلكم بحقيقة عقيدة وقيم وتعاليم الإسلام!) وعليه فإن التحذير من خطر الإسلام ليس إلا بدافع الحب (هذا هو الحب أما فلا) الذي حثنا عليه رب الحب والحقيقة، اعلموا أننا نحن فقط نريد أن نحرر العالم من أكاذيب الإسلام (ومتى تحررون عقولكم من الجهل وقلوبكم من الكراهية؟!)"، وبنى حجته على أساس عشرة أسباب سأوردها هنا حسب الترجمة لأحد أتباعه، وللمساحة المتاحة لي لن أعلق على كل جزء كما فعلت فوق وسأترك التعليق لكم:
"أولا: يزعم القرآن أن المسيح عيسى الذي افتدانا، ليس ابن الله ..!!
ثانيا: سنحرق القرآن لأنه ليس كلام الرب ولم ينزل من السماء..
ثالثا: تحوي تعاليم القرآن العديد من الطقوس والشعائر العربية الوثنية الشيطانية، التي جلبت وستجلب الشر للمسلمين وستجعل العالم يعاني من ذلك.
رابعا: كل ما كتب عن النبي محمد من قرآن أو حديث أو سيرة لم يتم إلا بعد 120 عاما من وفاته، بل ويناقض بعضها البعض، وتتضارب مفاهيمها في الكثير من الأحيان.
خامسا: لا يمكننا أن نحترم النبي محمد ولا تاريخه، ففي الفترة المكّية يبدو أنه كان يدعو الناس إلى الإسلام لأسباب دينية بحثا عن الحقيقة، لكن الفترة المدينية من حياته اتصفت بالفساد، وسيطرت عليه الأهواء الدنيوية وحب السلطة، وهذه هي الصفات التي يكرهها الرب في البشر وهي السبب في استمرار أتباع محمد في قتل الناس واغتيالهم لأسباب سياسية وأطماع دنيوية.
سادسا: الشريعة الإسلامية قانون استبداد ودكتاتورية..
سابعا: الإسلام دين لا يراعي الحريات ولا يشجع الديموقراطية ..
ثامنا: سنحرق القرآن، لأنه لا يحق للمسلم تغيير دينه، ولأن عقاب من يفعل ذلك "حد الردة" وهو القتل.
تاسعا: ينطوي تحت تعاليم الإسلام الكثير من الخوف المتجذر من الحضارة الغربية.
عاشرا: الإسلام هو السلاح الذي استخدمه العرب لاستعمار العالم والمبرر لأطماعهم وتوسعهم العسكري..".
من يقرأُ أسبابه العشرة من أمتنا الإسلامية أو ممن درس التاريخ الإسلامي والعربي عن فهم وتدقيق وتعمق سيجد أنّ جل كلامه خال من الصحة وينافي المنطق، ولا ننسى أن من يحرق الكتب أيا كانت سيأتي يوما ويحرق البشر، هذا بالإضافة إلى أنه تزوير للحقائق أو لنقل قلبها، ولم أذكرها هنا إلا كي أبين مدى جهله، ثم إن هذا الجهل قوبل بالرفض والاستهجان ليس فقط من الكثير من الكنائس والمعابد داخل الولايات المتحدة بل من حول العالم أيضا، حيث اعتبر أن حرق القرآن سلوك شاذ وهمجي ضد التعاليم والمبادئ للديانات السماوية، ورب ضارة نافعة، فلقد انعكست دعوة الأسقف العنصرية إيجابيا بتوحيد الصفوف والكلمة والموقف أمام حملته، كما ظهر ذلك في دعوة " مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية " التي نادت بمواجهة هذه الحملة من خلال تثقيف أكبر عدد ممكن عن الإسلام، بأن يستغل المسلمون شهر رمضان الكريم بدعوة على إفطار أو سحور وقراءة مقطع من القرآن للضيف، أي "القراءة مقابل الحرق"، وهذا أيضا ما نادى به "لاري ريمر"، القساوسة من الكنيسة المتحدة ومن نفس مدينة الأسقف جونز، فهو ليس رجل دين فقط بل ناشط اجتماعي ومدافع عن حقوق الإنسان أيضا، حيث قال: "إذا كان بإمكانهم حرقه، بإمكاننا أن نقرأه"، لقد قرر مع رجال الدين من الكنائس والمعابد الأخرى في مدينة غاينيسفيل، أنه في يوم الأحد الثاني عشر من سبتمبر ستتم قراءة أجزاء من القرآن الكريم إضافة للعبادات التي تقام عادة، كرد على دعوة الكراهية، وحين سئل لماذا تقوم بذلك؟ أجاب: "المسيحية واليهودية والإسلام، جميعها فروع من الشجرة الإبراهيمية، ونحن جميعا نؤمن بإله واحد، ونحاول جميعا تحقيق نفس الأهداف، كما أنه في الإسلام أشياء أعتقد أن أياً من أتباع أي دين آخر يمكن أن يتعلم منها"، لقد كان رداً حضاريا وموقفا نبيلا، يخاطب الإنسانية والعقل والمنطق، ولنتذكر دائما أن أمام كل كتاب يحرقون هنالك آلاف تطبع، والأهم وعد الله سبحانه بحفظه، وبناء عليه لتكون ردة فعلنا بحضارة الإسلام وتعاليمه، وأخلاقيات وذكاء نبيه عليه الصلاة والسلام في المواجهة المبنية على دراسة وتروٍ ومشورة وقبل التحرك الاتكال على رب العالمين.