في الوقت الذي تجددت فيه المطالبات بحماية الصحفيين الذين يكتبون عن واقع الفساد في المملكة، شن عدد من كتاب الرأي وإعلاميون هجوما لاذعا على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" محملين إياها واجبات حماية الصحفيين والتجاوب مع التساؤلات.

وأكد خبير استشارات وتدريب بمركز لندن للاستراتيجيات الإعلامية الدكتور سلطان حمزي لـ"الوطن" على هامش انعقاد ورشة عمل تتحدث عن دور الإعلام في تعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد أقيمت في الرياض أمس، أن إقامة ورش العمل والندوات لها تأثير في تحريك المياه الراكدة وتعطي إشارة تنبيه ضرورية، مستدركاً بالقول "لن تكون كفيلة بالتحسين المأمول والسريع"، مبرراً بأن ذلك يتطلب تضافر الجهود بين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمؤسسات الإعلامية، بحيث ينتج تشريعاً يحمي الصحفيين.

وذكر أنه من الواجب حماية الصحفيين من التهديدات التي يتعرضون لها، سواء أكانت من جهات أو من شخصيات نافذة، مع العمل على رفع مستوى النشر إلى أقصى ما يمكن، مما يكفل بإحداث تغيير ملموس في أداء الوسائل الإعلامية في مكافحة الفساد.

وبين الحمزي أن التجمع اتفق على تعرض الصحفي للكثير من الإشكالات نظير كشفه للفساد؛ مما يفضي لتراجعه عن النشر، مشيراً إلى أن ترتيب المملكة في قائمة "مراسلون بلا حدود" يأتي بناء على هذا الجانب، إضافة إلى ضرورة وجود علاقة قوية بين "نزاهة" والمؤسسات الإعلامية، والإسهام في سن قانون لحماية الصحفيين.

وأوصى الحمزي خلال طرحه لورقة عمله بالدخول في حوار مع قيادات المؤسسات الإعلامية لدعم وتوسيع مساحات النشر، والتنسيق المفترض بين نزاهة والوسائل الإعلامية في حملات التأثير وصناعة الرأي العام، والتواصل الدائم مع الكتاب، مع تدريب الصحفيين بهدف إكسابهم المهارات والخلفيات القانونية والمهنية اللازمة لتمكنهم من التعامل مع قضايا الفساد بشكل دقيق ومتقن.

مقابل ذلك، بدا أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك سعود الدكتور معجب الزهراني غير متفائل بالعلاقة بين المؤسسة الإعلامية وقضايا الفساد، إذ أكد أن الطموح الزائد لا يحقق الطموحات، فيما أكد الكاتب الدكتور عبدالله الكعيد أن دور بعض وسائل الإعلام هو إثارة الرأي العام وليس صناعته، موضحا أن عليها واجبات ينبغي أن تتخذها وتعمل تجاهها.

وأكد الكاتب والباحث الدكتور عبدالرحمن الحبيب أن من الصعوبة بمكان وضع مقياس محدد ودقيق لواقع الفساد في أي بلد، مستدركاً بـ"يمكن اختيار المؤشر العالمي لمنظمة الشفافية الدولية والمؤشر العربي للمركز العربي للأبحاث ودراسة السّياسات".

واعتبر الحبيب التحسن نسبيا وبطيئا في المملكة فيما يخص مؤشر الفساد الذي جرى قبل بدء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لأعمالها، مضيفاً "هذا قد يعني أنه قبل تنفيذ القرار بدأ يتشكل رأي عام وموقف تطبيقي تجاه الفساد، والتحسن في حد ذاته إيجابي، لكن البطء يعني أن ثمة عراقيل وتحديات عديدة يتعذر حصرها".

وذكر أن التقرير أوضح أن 83% من الرّأي العامّ العربيّ يقولون إنّ الفساد منتشر في بلدانهم، مبيناً أن المملكة حصلت على أقل نسبة في اعتقاد الرأي العام بأن الفساد منتشر بنسبة 54%، بينما بلغت أقصى حدودها في لبنان بنسبة 97%.


.. و"الهيئة" تسألهم بـ"ما وكيف؟"

تحولت ورشة العمل التي كان من المتوقع أن تخرج بتوصيات فاعلة إلى طرح "نزاهة" 6 أسئلة على الإعلاميين واستخدامها أداتي الاستفهام "كيف وما" ؟.

الأسئلة تنوعت ما بين طلب وصف التشريعات والتنظيمات الحكومية لمجال الإعلام في سبيل مكافحة الفساد، وما هو المأمول، وما بين دور وسائل الإعلام في تعزيز النزاهة، وعن حال الممارسات الحالية لوسائل الإعلام في كشف الحالات.

وشملت الأسئلة تأثير الوسائل الحالية في كشف ممارسات الفساد، وما هي السبل المفترض تتبعها؟.